قصة قصيرة_____القلب الذهبي..
اجتاز هشام عتبة منزل قديم تآكلت حواف بابه الخشبي من كل جوانبه ، مشى بخطى وئيدة متجها نحو سيارته الصغيرة القابعة في نهاية الزقاق..كانت علامات السرور تعلو محياه الذي لا يخلو من وسامة محببة،
شخصت البنات الجالسات بعتبة البيت المجاور بأبصارهن إلى ذلك الشاب الوسيم الأنيق، قالت إحداهن في سخرية :
_أنظرن..العريس الأحمق يغادر..!
تابعنه بنظراتهن الثاقبة.. حتى ركب سيارته وتوارى عن الأنظار..سمعن صيحات لفتاة جميلة تطل من نافذة ضيقة..رفعن رؤوسهن إليها..أمالت رأسها للأسفل وهي تصرخ بأعلى صوتها :
_انتظرنني أنا قادمة..! اعتادت رفيقاتها التجمهر أمام عتبة المنزل المجاور..كنّ كل مساء يهربن من حرارة الصيف وجو بيوتهن الضيقة الخانقة ..وجدرانها الدافئة بفعل حرارة الشمس الحارقة..يجلسن أمام بيت إحداهن يأملن في هبوب نسيم عليل.يخفف هبات الريح الساخنة..يثرثرن تارة وينظرن الى المارة تارة أخرى ، بجانبهن كان هناك ثلة من الأطفال يلعبون بحماس ..
بعد برهة ..كانت وداد وسطهن تضحك بسخرية وغرور، هتفت إحدى رفيقاتها بحماس:
_ما سر زيارة هشام المفاجئة..؟
دست يدها في جيبها و أخرجت علبة مخملية حمراء فتحتها..التقطت بأناملها الرقيقة سلسلة ذهبية..يتدلى في وسطها قلب يتلألأ ..علت همهمات وصيحات..وتطاولت أيدي رفيقاتها تحاولن لمسه..لكنها أبعدت يدها عنهن وبدأت تطوح به في الهواء بحركات دائرية وهي تبتسم بمكر.
غمغمت رفيقتها بضيق:
_هكذا أنت دوما تفعلين..بلعت ريقها بصعوبة وتابعت:
_تلعبين بمشاعره مثل هذا القلب الذهبي..!
قهقهت عاليا وردت وداد بسخرية :
_ ومازاده إعراضي إلا هياما و عشقا مقيتا..عديم الإحساس..إنه مجرد صخرة صماء لا يشعر ولا يحس !
تنهدت إحدى رفيقاتها قائلة :
_نعم إنه مجرد حالم غبي..كان عليه أن يفهم عندما كنت تؤجلين موعد الزفاف كل شهر..قاطعتها أخرى:
_والأدهى من هذا أنها أحرَجَتـهُ برفضها له أمام المدعوين ..حين سألها المأذون ذلك السؤال الروتيني..أجابته بوقاحة..بأنها ليست راضية..!
مطت وداد شفتيها وضربت على كتف أقرب رفيقاتها وتابعت بتهكم :
_وما إن سمع جملتي تلك، حتى فر هاربا..حافيا يحمل حذاءه في يده وارتداه هناك..!
وأشارت إلى عتبة منزلها..صاحت رفيقتها :
_ورغم ذلك صدق اعتذارك بأنك كنت متوترة وخائفة..!
هزت وداد كتفيها بضيق قائلة :
_ أرغمتني أمي على الاعتذار..فلبستُ قناع البراءة و صدقني على الفور..الأحمق ..متبلد المشاعر..!
هتفت صديقتها المقربة :
_ورغم ذلك حضر في اليوم التالي ..ووجدك تنظفين الدرج وما إن لمحته حتى صببت عليه دلو ماء عكر..!
قاطعتها وداد في غضب:
_ وأيضا ظن أني لم أتعمد الأمر ولم ينزعج مني على الإطلاق..! لكني أعدكن سوف أفكر بمقلب من العيار الثقيل هذه المرة..!
سمعت وداد أمها تناديها ..فودعت رفيقاتها..تابعنها بنظرات حاسدة...اتجهت صوب البيت وما كادت تضع قدمها على أول درجة من السلم حتى اصطدمت بفوج من الأولاد يصيحون بأعلى أصواتهم وهم يركضون ..ابتعدت عن طريقهم باشمئزاز..وواصلت صعودها..
كانت أمها تجلس على الأرض منهمكة في العجين..وما إن سمعت خطوات ابنتها حتى رفعت رأسها وقالت بهدوء: _الزفاف بعد شهر واحد..!
تمتمت ابنتها وهي تتجه نحو الغرفة الوحيدة في ذلك السطح :
_كما تشائين ..أمي !
هزت الأم حاجبيها بدهشة وقالت :
_أرجو ألا يتفتق ذهنك الأحمق عن فكرة شيطانية مرة أخرى..!
همست وداد بخفوت:_يارب..!
وضعت كرسيا خشبيا صغيرا أمام رف عال..صعدت فوقه..وجذبت حقيبة سوداء كبيرة..رمتها فوق أريكة تمزقت خيوط ثوبها..فتحتها وبعثرت محتوياتها..فساتين جميلة..أحذية لامعة..وحقائب يد..تمتمت بضيق وهي تصر على أسنانها بغيظ :
_هدايا جميلة حقا..لكني أكره صاحبها..!
جذبت فستانا أسود مطرز بخيوط ذهبية..وخبأته تحت الأريكة بسرعة..!
أزاحت والدتها ستارة باب الغرفة ..وهي تجفف وجهها بخرقة بالية من العرق الذي ملأ وجهها المغضن..تأملت ابنتها قليلا ثم قالت برجاء:
_ لا ترفسي النعمة برجليك يا ابنتي..انظري إلى حالنا..وأشارت إلى جنبات الغرفة الضيقة و أثاثها القليل العتيق وتابعت:
_أنت محظوظة به ..إنه يحبك وسوف يسعى جاهدا لارضائك..أنظري إلى رفيقاتك ..جميعهن يحسدنك عليه..!حدجتها الابنة بنظرة غاضبة وأشاحت بوجهها إلى الحائط وأقفلت الحقيبة بعنف..!
بعد أيام قليلة كان خطيبها هشام داخل سيارته الصغيرة..ينتظر إشارة المرور..كان يعزف بأصابعه فوق المقود مستمتعا بأنغام جميلة تنبعث بانسياب من المذياع..خيل إليه أنه لمح طيفها..وابتسم مفكرا:
_يا إلهي لقد صرت متيما بها الى حد الجنون..صرت أراها في وجوه كل النساء..!
سمع ضحكات رنانة ..التفت بحدة..لمحها تركب دراجة نارية كبيرة خلف شاب ذو تسريحة غريبة..تتدلى من عنقه سلسلة فضية ذات حلقات كبيرة منفرة كطوق للكلاب.. كانت ترتدي ذلك الفستان الأسود..الذي انتقاه بعناية وحب..و شعرها يتطاير في الهواء بدون قيود تلمه..غاص قلبه بين قدميه..أحس بطعنات سكاكين حادة تهوي عليه بلا رحمة..شعر أن أحلامه ينسفها طيش فتاة أحبها حتى النخاع..
أفاق من شروده على صيحات السائقين الغاضبة وراءه...انطلق خلفها بسرعة..وما ان اقترب منها حتى صاح قائلا :
_أنتِ توقفي حالا..!
ظهرت آثار الصدمة جلية على وجهها ..همست في أذن رفيقها ..وسرعان ماتوقف في جانب الرصيف..نزلت ببطء..ومضى هو يكمل طريقه كأن الأمر لا يعنيه في شيء..!
فتح باب سيارته بآلية..جلست إلى جواره بهدوء..تقلصت عضلات وجهه وهو ينظر أمامه..مرت لحظات من الصمت الرهيب..
سألها فجأة بصوت مبحوح :
_لماذا..؟ أجابته وهي تتحاشى النظر إليه :
_لأني لا أحبك..!
تنهد بألم وقال :
_لهذه الدرجة تكرهينني..وتفضلين علي أي رجل حتى لو كان مجرما..أنا لم أذنب في شيء سوى أني أحببتكِ بصدق..!
كانت أناملها الرقيقة تعبث بالقلب الذهبي في رقبتها بعصبية وأجابته بحنق :
_أنا فقط لم أبادلك نفس الشعور..! هز رأسه بعزم قائلا:
_نعم وليس لكِ ذنب في ذلك..لقد حاولتِ بشتى الطرق التعبير عن رفضك لي..لكني لم أفهم..و أردف بمرارة :
_بل لم أكن أريد أن أفهم..فضلت التمسك بخيوط الأمل الواهية و اختلاق الاعذار لكِ..لكن الأمر انتهى الآن..سوف أقنع والدتي أني غيرت رأيي..وبدورها سوف تعتذر لوالدتك..حتى تكونين بمنأى عن غضبها..!
لانت أساريرها وتنهدت بارتياح كبير..آلمه ذلك بشدة..
قاد سيارته بسرعة محمومة .. وأسرعت تطوي الأرض وتدوس مشاعره التي ضربها إعصار مفاجىء فزلزل كيانه ..وقذف بأحلامه إلى قاع سحيق..!
توقف فجأة عند نهاية الزقاق..وقال بلهجة آمرة:
_انزلي..!
شيعها بنظراته الحزينة عبر مرآة السيارة..داهمته ذكرى جميلة..يوم رآها لأول مرة..في حفل زفاف أخته..كانت تتمايل على أنغام الموسيقى..فاتنة..رقيقة..مثل فراشة ترفرف بخفة سعادة..حينها هتف قلبه :
_إنها هي..هي من حلم بها وانتظرها طويلا..بابتسامتها الملائكية..وبريق عينيها الآسر..وشعرها الأسود الجميل.
باغته صوت ارتطام كرة بسقف سيارته..اعتدل في جلوسه ..مال نحو المرآة
كانت قداختفت عن ناظريه..فأسرع يغادر ذلك الحي الشعبي الذي طالما أحبه لأجلها..!
اتجهت نحو البيت بخطوات بطيئة وهي ترجو ألا يغير رأيه ويلحق بها..رفعت رأسها فلمحت رفيقاتها..يجلسن كعادتهن أمام باب المنزل..اندفعت نحوهن تصفق فرحة..وقالت :
_باركن لي ..العريس الأحمق فسخ الخطبة..!
عقدت الدهشة ألسنتهن..! سألتها إحداهن بشك :
_أحقا ما تقولين..؟ ردت عليها بزهو :
_نعم صحيح ..!
رفعت سبابتها مؤكدة :
_وبدون تدبير مقصود مني هذه المرة..!
امتقعت وجوههن ولم ينبسن بكلمة..!
ضربت الفتاة كفا بكف وصاحت :
_ماذا حل بكن..؟لماذا انتن صامتات..؟
أجابتها صديقتها المقربة بصوت متحشرج :_ أنتِ لا تستحقينه..!
بدأت الفتيات بالانسحاب واحدة بعد الأخرى..نظرت إليهن باستغراب..!
كانت كل منهن تمني نفسها أن ينظر إليها يوما..بعد أن يكون قد فطن إلى حقيقة خطيبته الرعناء..!
سمعت وداد صيحات أمها تناديها وهي تحشر رأسها من تلك النافذة الضيقة..هزت رأسها ..وأجابتها بفتور :
_أنا قادمة..!
دلفت إلى المنزل ..فكرت بانزعاج :
_بنات حمقاوات ظننتهن سيسعدن لأجلي..!
و أسرعت تقفز فوق درجات السلم وهي تغني بسعادة..!
شخصت البنات الجالسات بعتبة البيت المجاور بأبصارهن إلى ذلك الشاب الوسيم الأنيق، قالت إحداهن في سخرية :
_أنظرن..العريس الأحمق يغادر..!
تابعنه بنظراتهن الثاقبة.. حتى ركب سيارته وتوارى عن الأنظار..سمعن صيحات لفتاة جميلة تطل من نافذة ضيقة..رفعن رؤوسهن إليها..أمالت رأسها للأسفل وهي تصرخ بأعلى صوتها :
_انتظرنني أنا قادمة..! اعتادت رفيقاتها التجمهر أمام عتبة المنزل المجاور..كنّ كل مساء يهربن من حرارة الصيف وجو بيوتهن الضيقة الخانقة ..وجدرانها الدافئة بفعل حرارة الشمس الحارقة..يجلسن أمام بيت إحداهن يأملن في هبوب نسيم عليل.يخفف هبات الريح الساخنة..يثرثرن تارة وينظرن الى المارة تارة أخرى ، بجانبهن كان هناك ثلة من الأطفال يلعبون بحماس ..
بعد برهة ..كانت وداد وسطهن تضحك بسخرية وغرور، هتفت إحدى رفيقاتها بحماس:
_ما سر زيارة هشام المفاجئة..؟
دست يدها في جيبها و أخرجت علبة مخملية حمراء فتحتها..التقطت بأناملها الرقيقة سلسلة ذهبية..يتدلى في وسطها قلب يتلألأ ..علت همهمات وصيحات..وتطاولت أيدي رفيقاتها تحاولن لمسه..لكنها أبعدت يدها عنهن وبدأت تطوح به في الهواء بحركات دائرية وهي تبتسم بمكر.
غمغمت رفيقتها بضيق:
_هكذا أنت دوما تفعلين..بلعت ريقها بصعوبة وتابعت:
_تلعبين بمشاعره مثل هذا القلب الذهبي..!
قهقهت عاليا وردت وداد بسخرية :
_ ومازاده إعراضي إلا هياما و عشقا مقيتا..عديم الإحساس..إنه مجرد صخرة صماء لا يشعر ولا يحس !
تنهدت إحدى رفيقاتها قائلة :
_نعم إنه مجرد حالم غبي..كان عليه أن يفهم عندما كنت تؤجلين موعد الزفاف كل شهر..قاطعتها أخرى:
_والأدهى من هذا أنها أحرَجَتـهُ برفضها له أمام المدعوين ..حين سألها المأذون ذلك السؤال الروتيني..أجابته بوقاحة..بأنها ليست راضية..!
مطت وداد شفتيها وضربت على كتف أقرب رفيقاتها وتابعت بتهكم :
_وما إن سمع جملتي تلك، حتى فر هاربا..حافيا يحمل حذاءه في يده وارتداه هناك..!
وأشارت إلى عتبة منزلها..صاحت رفيقتها :
_ورغم ذلك صدق اعتذارك بأنك كنت متوترة وخائفة..!
هزت وداد كتفيها بضيق قائلة :
_ أرغمتني أمي على الاعتذار..فلبستُ قناع البراءة و صدقني على الفور..الأحمق ..متبلد المشاعر..!
هتفت صديقتها المقربة :
_ورغم ذلك حضر في اليوم التالي ..ووجدك تنظفين الدرج وما إن لمحته حتى صببت عليه دلو ماء عكر..!
قاطعتها وداد في غضب:
_ وأيضا ظن أني لم أتعمد الأمر ولم ينزعج مني على الإطلاق..! لكني أعدكن سوف أفكر بمقلب من العيار الثقيل هذه المرة..!
سمعت وداد أمها تناديها ..فودعت رفيقاتها..تابعنها بنظرات حاسدة...اتجهت صوب البيت وما كادت تضع قدمها على أول درجة من السلم حتى اصطدمت بفوج من الأولاد يصيحون بأعلى أصواتهم وهم يركضون ..ابتعدت عن طريقهم باشمئزاز..وواصلت صعودها..
كانت أمها تجلس على الأرض منهمكة في العجين..وما إن سمعت خطوات ابنتها حتى رفعت رأسها وقالت بهدوء: _الزفاف بعد شهر واحد..!
تمتمت ابنتها وهي تتجه نحو الغرفة الوحيدة في ذلك السطح :
_كما تشائين ..أمي !
هزت الأم حاجبيها بدهشة وقالت :
_أرجو ألا يتفتق ذهنك الأحمق عن فكرة شيطانية مرة أخرى..!
همست وداد بخفوت:_يارب..!
وضعت كرسيا خشبيا صغيرا أمام رف عال..صعدت فوقه..وجذبت حقيبة سوداء كبيرة..رمتها فوق أريكة تمزقت خيوط ثوبها..فتحتها وبعثرت محتوياتها..فساتين جميلة..أحذية لامعة..وحقائب يد..تمتمت بضيق وهي تصر على أسنانها بغيظ :
_هدايا جميلة حقا..لكني أكره صاحبها..!
جذبت فستانا أسود مطرز بخيوط ذهبية..وخبأته تحت الأريكة بسرعة..!
أزاحت والدتها ستارة باب الغرفة ..وهي تجفف وجهها بخرقة بالية من العرق الذي ملأ وجهها المغضن..تأملت ابنتها قليلا ثم قالت برجاء:
_ لا ترفسي النعمة برجليك يا ابنتي..انظري إلى حالنا..وأشارت إلى جنبات الغرفة الضيقة و أثاثها القليل العتيق وتابعت:
_أنت محظوظة به ..إنه يحبك وسوف يسعى جاهدا لارضائك..أنظري إلى رفيقاتك ..جميعهن يحسدنك عليه..!حدجتها الابنة بنظرة غاضبة وأشاحت بوجهها إلى الحائط وأقفلت الحقيبة بعنف..!
بعد أيام قليلة كان خطيبها هشام داخل سيارته الصغيرة..ينتظر إشارة المرور..كان يعزف بأصابعه فوق المقود مستمتعا بأنغام جميلة تنبعث بانسياب من المذياع..خيل إليه أنه لمح طيفها..وابتسم مفكرا:
_يا إلهي لقد صرت متيما بها الى حد الجنون..صرت أراها في وجوه كل النساء..!
سمع ضحكات رنانة ..التفت بحدة..لمحها تركب دراجة نارية كبيرة خلف شاب ذو تسريحة غريبة..تتدلى من عنقه سلسلة فضية ذات حلقات كبيرة منفرة كطوق للكلاب.. كانت ترتدي ذلك الفستان الأسود..الذي انتقاه بعناية وحب..و شعرها يتطاير في الهواء بدون قيود تلمه..غاص قلبه بين قدميه..أحس بطعنات سكاكين حادة تهوي عليه بلا رحمة..شعر أن أحلامه ينسفها طيش فتاة أحبها حتى النخاع..
أفاق من شروده على صيحات السائقين الغاضبة وراءه...انطلق خلفها بسرعة..وما ان اقترب منها حتى صاح قائلا :
_أنتِ توقفي حالا..!
ظهرت آثار الصدمة جلية على وجهها ..همست في أذن رفيقها ..وسرعان ماتوقف في جانب الرصيف..نزلت ببطء..ومضى هو يكمل طريقه كأن الأمر لا يعنيه في شيء..!
فتح باب سيارته بآلية..جلست إلى جواره بهدوء..تقلصت عضلات وجهه وهو ينظر أمامه..مرت لحظات من الصمت الرهيب..
سألها فجأة بصوت مبحوح :
_لماذا..؟ أجابته وهي تتحاشى النظر إليه :
_لأني لا أحبك..!
تنهد بألم وقال :
_لهذه الدرجة تكرهينني..وتفضلين علي أي رجل حتى لو كان مجرما..أنا لم أذنب في شيء سوى أني أحببتكِ بصدق..!
كانت أناملها الرقيقة تعبث بالقلب الذهبي في رقبتها بعصبية وأجابته بحنق :
_أنا فقط لم أبادلك نفس الشعور..! هز رأسه بعزم قائلا:
_نعم وليس لكِ ذنب في ذلك..لقد حاولتِ بشتى الطرق التعبير عن رفضك لي..لكني لم أفهم..و أردف بمرارة :
_بل لم أكن أريد أن أفهم..فضلت التمسك بخيوط الأمل الواهية و اختلاق الاعذار لكِ..لكن الأمر انتهى الآن..سوف أقنع والدتي أني غيرت رأيي..وبدورها سوف تعتذر لوالدتك..حتى تكونين بمنأى عن غضبها..!
لانت أساريرها وتنهدت بارتياح كبير..آلمه ذلك بشدة..
قاد سيارته بسرعة محمومة .. وأسرعت تطوي الأرض وتدوس مشاعره التي ضربها إعصار مفاجىء فزلزل كيانه ..وقذف بأحلامه إلى قاع سحيق..!
توقف فجأة عند نهاية الزقاق..وقال بلهجة آمرة:
_انزلي..!
شيعها بنظراته الحزينة عبر مرآة السيارة..داهمته ذكرى جميلة..يوم رآها لأول مرة..في حفل زفاف أخته..كانت تتمايل على أنغام الموسيقى..فاتنة..رقيقة..مثل فراشة ترفرف بخفة سعادة..حينها هتف قلبه :
_إنها هي..هي من حلم بها وانتظرها طويلا..بابتسامتها الملائكية..وبريق عينيها الآسر..وشعرها الأسود الجميل.
باغته صوت ارتطام كرة بسقف سيارته..اعتدل في جلوسه ..مال نحو المرآة
كانت قداختفت عن ناظريه..فأسرع يغادر ذلك الحي الشعبي الذي طالما أحبه لأجلها..!
اتجهت نحو البيت بخطوات بطيئة وهي ترجو ألا يغير رأيه ويلحق بها..رفعت رأسها فلمحت رفيقاتها..يجلسن كعادتهن أمام باب المنزل..اندفعت نحوهن تصفق فرحة..وقالت :
_باركن لي ..العريس الأحمق فسخ الخطبة..!
عقدت الدهشة ألسنتهن..! سألتها إحداهن بشك :
_أحقا ما تقولين..؟ ردت عليها بزهو :
_نعم صحيح ..!
رفعت سبابتها مؤكدة :
_وبدون تدبير مقصود مني هذه المرة..!
امتقعت وجوههن ولم ينبسن بكلمة..!
ضربت الفتاة كفا بكف وصاحت :
_ماذا حل بكن..؟لماذا انتن صامتات..؟
أجابتها صديقتها المقربة بصوت متحشرج :_ أنتِ لا تستحقينه..!
بدأت الفتيات بالانسحاب واحدة بعد الأخرى..نظرت إليهن باستغراب..!
كانت كل منهن تمني نفسها أن ينظر إليها يوما..بعد أن يكون قد فطن إلى حقيقة خطيبته الرعناء..!
سمعت وداد صيحات أمها تناديها وهي تحشر رأسها من تلك النافذة الضيقة..هزت رأسها ..وأجابتها بفتور :
_أنا قادمة..!
دلفت إلى المنزل ..فكرت بانزعاج :
_بنات حمقاوات ظننتهن سيسعدن لأجلي..!
و أسرعت تقفز فوق درجات السلم وهي تغني بسعادة..!
حنين فيروز
البيضاء6/11/2014
البيضاء6/11/2014
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق