الأحد، 4 أكتوبر 2015

حسين مردان في ذكرى وفاته ( 1927 - 1972 ) عبد الكريم الساعدي / العراق

حسين مردان في ذكرى وفاته
( 1927 - 1972 )
عبد الكريم الساعدي / العراق
قدم إلى بغداد في نهاية أربعينيات القرن العشرين من مدينة الخالص الهادئة بعدما ترك دراسته وهو في الثاني المتوسط... ومن شارع الرشيد انطلقت مسيرته الأدبية والإبداعية ، اتخذ من الشوارع والحانات والمقاهي مأوى له...اقتحم تلك الأمكنة لاسيما مقاهي بغداد ( حسن عجمي ، الزهاوي ، البرازيلي ، البرلمان ) وهو شاباً متوقد نشاطاً وأدباً وكله حيوية وثقة بنفسه . فكان ظاهرة غريبة من الرفض والتمرد والاحتجاج والخروج على الأعراف الاجتماعية والسياسية في مجتمع محافظ . جاء ليؤكد رؤيته الجديدة بعدما أسقط كل الأقنعة عن نفسه ليبدو عارياً من كل زيف ويعلن دكتاتوريته على نفسه ،فكتب في مقدمة مجموعته الأولى ( قصائد عارية ) التي أصدرها عام 1949 : ( ثق أنك لاتفضلني على الرغم من قذارتي إلّا بشيء واحد وهو أني أحيا عارياً بينما تحيا ساتراً ذلك بألف قناع .. فنصيحتي هي أن لا تقدم على قراءة هذا الديوان إذا كنت تخشى حقيقتك وتخاف رؤية الحيوان الرابض في أعماقك ) . فكانت تلك المجموعة بداية رؤيته الواضحة بأهمية الصورة التي يرسمها للواقع وما يعتريه من قسوة سياسية واجتماعية ، حيث أثارة تلك المجموعة زوبعة من النقد قدم على أثرها للمحاكمة بعد مصادرتها . وهو يمثل وعياً متقدماً له وتياراً أدبياً متجاوزاً المألوف التقليدي .وبكل شجاعة غنى خارج السرب وهو في قمة غضبه وانفعاله ليطرح وجة نظره النقدية حول الشعر ،وتطرفه فيه نابع من رغبته الحقيقية في التحرر من الوزن والقافية وتجديد المضمون ، يقول في ذلك : ( إنّ تحطم القافية الواحدة من الشعر الحديث لم تستطع انقاذ الشعر من حوض الصمغ الذي فيه ... وأرى أن العقبة الوحيدة التي تقف أمام اندفاع الشعر العربي إلى الذروة هي الوزن... ) حيث وردت تلك الرؤى في ( مقالات في النقد الأدبي ) ( الأزهار تورق داخل الصاعق ) ، أطلق على كتاباته الأولى ( النثر المركز ) حسماً للمعارك التي كانت تدور حولها ، وديوانه ( الربيع والجوع ) حافل بذلك . يعد حسين مردان أول من كتب قصيدة النثر في الوطن العربي ، كان مشحوناً بالتمرد والإنفعال فكان شعره صراخاً يرسم في فضاء الحياة صورة لمجتمعه المتخم بالعلل والأمراض الاجتماعية وصور التشرد والضياع والحيف الذي أصاب المرأة كل ذلك ممزوجاً بأحساسه بالموت .
قال عنه الكاتب البلجيكي (بربا ) : ( حسين مردان شاعر وجودي النزعة لكنّه في طليعة الأدباء التقدميين وشعره يحظى بأهتمام الناس في العراق لما فيه من الجدة ) .لقد كان حسين مردان شاعراً متمرداً صعلوكاً متشرداً عبثياً وجودياً ، لكنّه ظلّ متوهجاً في ظلال تلك العوالم حتى آخر حياته ليكون مصداقاً لمقولة ( وايتمان ) : الموت هو الملاك الوحيد الذي يقضي على آخر ذرات العذاب الإنساني ) .
غادر الحياة في مثل هذا اليوم 1972 / 10/4 )
من أهم دواوينه :
( الأزهار تورق داخل الصاعقة )
- (الربيع والجوع )
- (الأرجوحة هادئة الحبال ) .
من شعره :
من كل ريانة الثديين ضامرة ٍ
تجيد فهم الهوى بالظفر ِ والناب
وقع السياط على اردافها نغمٌ
يفجر الهول في اعراقها السودِ
تكاد ترتجف الجدران صارخة
أذا تعرت أهذا الجسم للدودِ
------------------------------
لا لن اتوب: وهل يتوب مفكر
حر على قول الحقيقة مجبر
هبني سجنت فلست اول ثائر
يرمى باعماق السجون ويقبر
هبني شنقت فلست اول مصلح
اودت بفكرته حبال تذعر
اني لالعن من يعيش ببلده
يعلو الغبي بها ولايتفجر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق