مقالي صمت الاشياء اليومية وتحولاته قراءة في شعر د.فاطمة قنديل منشور في مجلة شعر العدد 159 -خريف 2015 وهي مجلة فصلية تصدر في مصر عن اتحاد الاذاعة والتلفزيون شكرا للدكتور فارس خضر رئيس تحرير المجلة وشكرا لهيئة التحرير
صمت الأشياء اليومية وتحولاته قراءة في شعر فاطمة قنديل
بقلمي : ناظم ناصر القريشي
18\6\2015
تتداخل الأزمنة والإيقاعات والمعاني كموجات تولد لتلتقي بموجات أخرى فتتدفق فيكون النهر وتولد القصيدة ، من هناك من ينابيع الشعر حيث كل شيء ساحر ومفتون كالاحلم والشاعر عندما يكتب يكون في حالة حلم فلا يعرف هل هو يدون الكلمات على الورق ام الكلمات هي التي تدونه ثم تبدأ الكلمات تهمس وتنادي كي نتتبعها وننصت إليها فالشاعر سطر روحه المتمردة هنا , فنقتفي أثر الشاعر في كلماته وهنا أنا أقف بالضد من نظرية رولان بارت حول "موت المؤلف" لان الكلمات ببساطة هي روح الشاعر نفسه أذن لازال الشاعر يدير دفة النص ومعانيه وايحاءته حية تمنح المتلقي حسب ثقافته فضاءات واسعة من الخيال فأي موت لشاعر لازال يحيا بكلماته
والشاعرة فاطمة قنديل تقف بين الشعر و الاحساس بالمطلق ، لذا نرى الرؤية تتسع لديها فتتمكن من لغتها فترسلها كالنسيم يداعب الاحساس و يلامس القلب بكلمات ممكن ان تنطق في كل حين فتعبر عن ذاتها الشاعرة المسكونة بالدهشة من خلال تجلياتها واشراقاتها التي تعتمد على لا متوقع دائما، و كلماتها المكتظة بالإبداع
أن الشاعر الحقيقي هو الذي يمنح المتلقي أجنحة الحلم والخيال ويرسم له فضاء واسعا لا يقيده زمن
والشاعرة تأخذانا الى مغامرة في اللغة لا لبس فيها و الالتباس تمنحها جسد جديدا ، فهي تمزج بين السرد و الشعر و فلسفة الحياة اليومية لتثبت أن الشعر هو طريق للحياة وليس مضافا عليها فتصوغ من الأشياء البسيطة و التي قد لا تثير الانتباه والاهتمام قصيدة بلغة صوفية حديثه و بأسلوب قل نظيره في كتابة قصيدة النثر ومن ثمة النص المفتوح فالقصيدة لا تغادر ذات الشاعرة وهي لا تغادر جوهر الشعر
تقف بين الحد الفاصل بين الضوء والعتمة وتشعر بانتمائها الى الجهتين فهي لا تخاف العتمة وتعتبرها حياة أخرى وبنفس الوقت تحب الضوء
هكذا تتكون القصيدة لدى الشاعرة فاطمة قنديل بمراكز متعددة للحدث الشعري يجمعها خيط واحد هو الحياة اليومية وما تحويه من حالات شعورية و حالات لا شعورية فهي ترسم قصيدتها كاللوحة تجدها مفعمة بالحياة بكل ما هو مرئي حولها حتى يكاد الجماد ينطق بما يشعر من خلال الكلمات ففي قصيدة (بيتي له بابان ) نجد أن الأبواب تعبر عن نفسها وحتى السور الخارجي بينما نحن نراقب العشب الذي ينمو بانتظار القادم الذي سيأتي ونشعر بما يفكر أيضا او نفكر نحن نيابة عنه هو الغياب والحضور في نفس الوقت ومثل ما يقول الفيلسوف الفرنسي هنري بركسون ذكرى الحاضر وهذه من مميزات الشاعرة والتي تمنح النص عذوبة متناهية
فهنا تحول القلم الى ريشة ويبدأ برسم كل ما يجده أمامه و يؤكد
الإقامة الحسية لنا وشعورنا الكثيف بالمكان و الزمان أيضا
(بيتي له بابان )
باب الحديقة الخارجي (الذي لا ينغلق ويحتاج أن أصلحه)
و باب البيت الداخلي (الهش الجميل الذي يمكن أن تكسره بضربة قدم)
بين الباب الخارجي والباب الداخلي خمسة أمتار من ممر حجري على جانبيه عشب أخضر
ينصحني أصدقائي أن أصلح الباب الخارجي - كي ينغلق.
وأن أضع باباً حديدياً وراء الباب الداخلي الهش كي أشعر بالأمان.
لكنني بدلاً من كل هذا أترك العشب البري ينمو في حديقتي
شيء ما يقول لي..
أن شخصاً ما سيعبر الباب الخارجي متلفتاً حوله
وفي قصيدة ( لماذا بكينا إذاً ونحن نقرأ جان فالجان ) ترسم لنا هذا المشهد كرسام يمتلك أدواته وينظر الى المكان بعين ثالثة
فتملا الشاعرة فاطمة قنديل هذه المسافة بين عين المتلقي والنص فهي تجعل العين تقرأ وترى في نفس الوقت مانحه إياه فضاء شاسع للرؤيا فيطل على هذا المشهد من شرفة الفندق الذي على البحر و في ذلك المدى البعيد يتأمل شخص جالس في مقهى ناء يكتب تهب ريح البحر فتبعثر أوراقه و فجاءه نكتشف أن أورقه كانت بيضاء أذن ماذا كان يكتب هل القصيدة التي نقرئها الآن ونحن نستمع الى صوت الموجات والرذاذ الأبيض المتطاير مع ريح البحر التي بعثرة الأوراق
( لماذا بكينا إذاً ونحن نقرأ جان فالجان )
من شرفة الفندق الذي يطلّ على البحر كنت أتأمل شخصاً بعيداً يجلس في مقهى ناء على الشاطئ.. كانت شمس الظهيرة خافتة.. وكانت أمامه طاولة عليها: أوراق ومطفأة سجائر وفنجان قهوة.. كان منهمكاً في الكتابة فلم ينتبه لريح بحر مفاجئة بعثرت أوراقه.. يبدو أنها كانت بيضاء لأنه لم ينهض ليلمها.. بعد أن رحل هبطت ولملمت كل الأوراق المتناثرة.. لم يكن لدي سواها وعليها كتبت كل قصائدي.
هنا يحدث تماس مع المرئي ، حيث تتم العملية الإبداعية لديها حسب التناوب بين روح الشاعرة و كلماتها و روح الشاعرة و الحلم. و روح الشاعرة و الحياة اليومية
غير أن ما يراود أذهاننا قبل أن ينغلق المشهد أن الشاعرة تعيش حياتها على شكل قصيدة مع أشيائها اليومية تنظر بعين ثالثة فترى مالا نره نحن وتجعل من تلك الأشياء رؤى وتفاصيل لها حضورها النابض في نصوص الشاعرة
صمت الأشياء اليومية وتحولاته قراءة في شعر فاطمة قنديل
بقلمي : ناظم ناصر القريشي
18\6\2015
تتداخل الأزمنة والإيقاعات والمعاني كموجات تولد لتلتقي بموجات أخرى فتتدفق فيكون النهر وتولد القصيدة ، من هناك من ينابيع الشعر حيث كل شيء ساحر ومفتون كالاحلم والشاعر عندما يكتب يكون في حالة حلم فلا يعرف هل هو يدون الكلمات على الورق ام الكلمات هي التي تدونه ثم تبدأ الكلمات تهمس وتنادي كي نتتبعها وننصت إليها فالشاعر سطر روحه المتمردة هنا , فنقتفي أثر الشاعر في كلماته وهنا أنا أقف بالضد من نظرية رولان بارت حول "موت المؤلف" لان الكلمات ببساطة هي روح الشاعر نفسه أذن لازال الشاعر يدير دفة النص ومعانيه وايحاءته حية تمنح المتلقي حسب ثقافته فضاءات واسعة من الخيال فأي موت لشاعر لازال يحيا بكلماته
والشاعرة فاطمة قنديل تقف بين الشعر و الاحساس بالمطلق ، لذا نرى الرؤية تتسع لديها فتتمكن من لغتها فترسلها كالنسيم يداعب الاحساس و يلامس القلب بكلمات ممكن ان تنطق في كل حين فتعبر عن ذاتها الشاعرة المسكونة بالدهشة من خلال تجلياتها واشراقاتها التي تعتمد على لا متوقع دائما، و كلماتها المكتظة بالإبداع
أن الشاعر الحقيقي هو الذي يمنح المتلقي أجنحة الحلم والخيال ويرسم له فضاء واسعا لا يقيده زمن
والشاعرة تأخذانا الى مغامرة في اللغة لا لبس فيها و الالتباس تمنحها جسد جديدا ، فهي تمزج بين السرد و الشعر و فلسفة الحياة اليومية لتثبت أن الشعر هو طريق للحياة وليس مضافا عليها فتصوغ من الأشياء البسيطة و التي قد لا تثير الانتباه والاهتمام قصيدة بلغة صوفية حديثه و بأسلوب قل نظيره في كتابة قصيدة النثر ومن ثمة النص المفتوح فالقصيدة لا تغادر ذات الشاعرة وهي لا تغادر جوهر الشعر
تقف بين الحد الفاصل بين الضوء والعتمة وتشعر بانتمائها الى الجهتين فهي لا تخاف العتمة وتعتبرها حياة أخرى وبنفس الوقت تحب الضوء
هكذا تتكون القصيدة لدى الشاعرة فاطمة قنديل بمراكز متعددة للحدث الشعري يجمعها خيط واحد هو الحياة اليومية وما تحويه من حالات شعورية و حالات لا شعورية فهي ترسم قصيدتها كاللوحة تجدها مفعمة بالحياة بكل ما هو مرئي حولها حتى يكاد الجماد ينطق بما يشعر من خلال الكلمات ففي قصيدة (بيتي له بابان ) نجد أن الأبواب تعبر عن نفسها وحتى السور الخارجي بينما نحن نراقب العشب الذي ينمو بانتظار القادم الذي سيأتي ونشعر بما يفكر أيضا او نفكر نحن نيابة عنه هو الغياب والحضور في نفس الوقت ومثل ما يقول الفيلسوف الفرنسي هنري بركسون ذكرى الحاضر وهذه من مميزات الشاعرة والتي تمنح النص عذوبة متناهية
فهنا تحول القلم الى ريشة ويبدأ برسم كل ما يجده أمامه و يؤكد
الإقامة الحسية لنا وشعورنا الكثيف بالمكان و الزمان أيضا
(بيتي له بابان )
باب الحديقة الخارجي (الذي لا ينغلق ويحتاج أن أصلحه)
و باب البيت الداخلي (الهش الجميل الذي يمكن أن تكسره بضربة قدم)
بين الباب الخارجي والباب الداخلي خمسة أمتار من ممر حجري على جانبيه عشب أخضر
ينصحني أصدقائي أن أصلح الباب الخارجي - كي ينغلق.
وأن أضع باباً حديدياً وراء الباب الداخلي الهش كي أشعر بالأمان.
لكنني بدلاً من كل هذا أترك العشب البري ينمو في حديقتي
شيء ما يقول لي..
أن شخصاً ما سيعبر الباب الخارجي متلفتاً حوله
وفي قصيدة ( لماذا بكينا إذاً ونحن نقرأ جان فالجان ) ترسم لنا هذا المشهد كرسام يمتلك أدواته وينظر الى المكان بعين ثالثة
فتملا الشاعرة فاطمة قنديل هذه المسافة بين عين المتلقي والنص فهي تجعل العين تقرأ وترى في نفس الوقت مانحه إياه فضاء شاسع للرؤيا فيطل على هذا المشهد من شرفة الفندق الذي على البحر و في ذلك المدى البعيد يتأمل شخص جالس في مقهى ناء يكتب تهب ريح البحر فتبعثر أوراقه و فجاءه نكتشف أن أورقه كانت بيضاء أذن ماذا كان يكتب هل القصيدة التي نقرئها الآن ونحن نستمع الى صوت الموجات والرذاذ الأبيض المتطاير مع ريح البحر التي بعثرة الأوراق
( لماذا بكينا إذاً ونحن نقرأ جان فالجان )
من شرفة الفندق الذي يطلّ على البحر كنت أتأمل شخصاً بعيداً يجلس في مقهى ناء على الشاطئ.. كانت شمس الظهيرة خافتة.. وكانت أمامه طاولة عليها: أوراق ومطفأة سجائر وفنجان قهوة.. كان منهمكاً في الكتابة فلم ينتبه لريح بحر مفاجئة بعثرت أوراقه.. يبدو أنها كانت بيضاء لأنه لم ينهض ليلمها.. بعد أن رحل هبطت ولملمت كل الأوراق المتناثرة.. لم يكن لدي سواها وعليها كتبت كل قصائدي.
هنا يحدث تماس مع المرئي ، حيث تتم العملية الإبداعية لديها حسب التناوب بين روح الشاعرة و كلماتها و روح الشاعرة و الحلم. و روح الشاعرة و الحياة اليومية
غير أن ما يراود أذهاننا قبل أن ينغلق المشهد أن الشاعرة تعيش حياتها على شكل قصيدة مع أشيائها اليومية تنظر بعين ثالثة فترى مالا نره نحن وتجعل من تلك الأشياء رؤى وتفاصيل لها حضورها النابض في نصوص الشاعرة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق