الأحد، 12 مارس 2017

هاله الامل / علي السنجري / العراق ,,,,

هاله الامل 
.


كعادته دخل الرجل بيته منهكا مثقلا بأعباء العمل ... 
استقبلته زوجته وقد رسمت على محياها ابتسامة رقيقة لتمتص عنه ذاك العناء ..
اعانك الله حبيبي .. !!
 ربت على كتفها وضمها الى صدره ، وطبع قبلة على وجنتها لم يدر في ظنهما ربما القبلة التالية ستكون بعد عدة اسابيع مثقلة بالهموم والدموع والانتظار القاتل 
 في صباح اليوم التالي حمل صباح حقيبته متوجها ككل يوم الى موقع عمله ركب سيارته وادار المفاتيح وانطلق مودعا زوجته هاله وهو يلوح بيده بادلته التحية مع ابتسامة عريضة ودعاء .. وفي الطريق وعلى بعد اميال ، واذا بسيارتين غير معرفتين ، وبسرعة مفاجئة ، اعترضت مسيره ، ارتبك لوهلة وحاول السيطرة على المقود وتلافي السيارتين ، وحاول صباح ان يتملص منهما لكن ، اشهر رجلان السلاح ، واخذ يصوبانه الى صباح وسيارته ، وهما يأمراه بالتوقف ،،
توقف… 
مجرمين قطاع طرق ..
سنرميك إن لم تتوقف ..
وعلا الصراخ ، امتثل لأوامرهم طلبا للنجاة بنفسه .. 
 ترجلوا سريعا ، وباسلحة مختلفة صوبوها نحوه طلبوا منه النزول من سيارته ، شخصيات مبهمة ملثمة رغم عدد الاسلحة التي كانوا يحملوها لكنهم كانوا يرتجفون مشتتين ، 
ترجل بسرعة هيا.. 
ترجل صباح رغما عنه من عربته ، وقد طوقوه بفوهات اسلحتهم ... 
ادخلوه الى احدى سياراتهم عنوة ، شدوا وثاقه وكمموه ،،
كل ذلك حدث بسرعة جنونية ، رغم المقاومة التي ابداها 
انطلقوا بسرعة بعد ان امروا احدهم بركوب سيارة صباح واللحاق بهم 
.....
كبست على ازرار النقال تطلب رقم زوجها ، رن هاتفه فاستبشرت خيرا  لحظات واذا بالاتصال ينقطع عاودت الاتصال رد الطرف الاخر برفض المكالمة 
توجست خيفة واخذ القلق يداعب قلبها عاودت الاتصال لكن بلا اجابة ،،
مر الوقت و هاله بين ساعة واخرى تكرر طلب رقم زوجها لكن بدون رد 
عندها قررت الاتصال والسؤال عنه عند اهله ،،
لٱ تقلقي عزيزتي ، ربما مشغول في امر ما ، وساطلب من اخوته الاتصال به ، اطمأني ،،
ردت والدة صباح على الزوجة المتوترة لكن هاله لم تهدأ ، ولم يطمأن قلبها ،،
أه ياالهي ،الشمس شارفت على المغيب و صباح لم يعد بعد ؟!!!
الهي اعده لي سالما ..
رفعت يديها للسماء بدعاء والدمع ينساب على وجنتيها بصمت ،وقلبها ينبض بشدة خوفا،،
 مر يومان ولم يعد صباح او يظهر او حتى يتصل ، بات اهله وزوجته في حيرة وقلق ، لمدة يتركوا قريبا ولا صديقا الا وسألوهم عنه ،،
تبا ، لٱ خير في وطن لٱ يحفظ ابناءه ،،
صاح احد الاخوة ..
ارجوكم ، افعلوا المستحيل واعيدوا لي زوجي ،،
انفجرت هاله باكية ، وبين لغط وتوتر واحاديث ، وتوقعات ،،
رن هاتف طالب الاخ الاصغر ، ساد الصمت للحظة وصوت النقال وحده من يرن في المكان ..
رقم غريب ؟!
صاح الجميع بشغف .. 
اجبه ،، تقدمت هاله مرتجفة نحو طالب ترجوه الاسراع في الرد ..
..من معي ؟!!
فاجابه صوت لٱ يخلو من نبرة خبث ..
ماذا يعود لك صباح ؟
صباح !!
صاح الجميع ،،صباح اين هو ،من اين يتصل !!!
طلب العم الاكبر ل صباح ان يلتزم الجميع الهدوء، وان يبادر هو بالحديث عبر النقال ،،
.. نعم ، انا عم صباح معرفاً عن نفسه ، 
من معي ، هل صباح معك هل هو بخير ؟!!
صباح عندنا ، ولن يرجع لكم ، اما الفدية او جثة هامدة ان لم تفعلوا ما نريده منكم ..
 اغلق الخط ، ودب الذعر وعلت الاصوات متضاربة ، اما هاله فقد اغشي عليها ما ان سمعت كلمة مختطف
حاول الاخوة الاتصال مجددا بالرقم المجهول ، لكن لم يفلحوا ..
و بقى الجميع على اهبة الترقب لاتصال اخر ،،
وفي مساء اليوم التالي ، عاود الخاطفون الاتصال ،،
هرع الجميع مشدودين متوترين قلقين ، فرد مجددا عم صباح
نعم، ما المطلوب ؟؟
مبلغ من المال……… 
صدم العم وهو يسمع الرقم الضخم 
مستحيل ، من اين لنا مثل هذا المبلغ ..؟!
اما الدفع او القتل، ولكم اخر الاسبوع ،
 اغلق الخط ، بقي العم حائرا واقفا بلا حراك ، لٱ يعرف بما ينطق ، لحظات واذا ب هاله تدخل والدمع يتطاير من عينيها ..
عماه ، ارجوك ، اعد لي زوجي ..
انهم يطلبون مبلغا كبيرا يا ابنتي.. 
وهل يكبر على ولدكم ، ارجوكم ، افعلوا  المستحيل واعيدوا لي زوجي، اخبروني كم تساوي حياته عندكم ؟!.. 
وكلبوة تزأر على وجع الجراح، بدأت تطالب الاخوة والاعمام ان يعيدوا لـٍهآ زوجها .. 
 زاد اللغط وتحادت الافكار والكلمات ، بين من تطوع وانسحب على خجل مطأطأ الراس ،للمشاركة في دفع المبلغ ،،
.. سنري في قادم الايام ، ماذا يمكننا ان نفعل .
طلب الاخوة من الخاطفين ان يمهلوهم لجمع  المال ،، مر يومان ، ولم يستطع لا الاخوة او الاقارب ان يجمعوا ولو شيئا بسيطا من مبلغ الفدية ،،
بقيت هاله تأكل النار قلبها ألما وانتظارا تأمل ما الذي يستطيع الاقارب فعله ليعيدوا لها زوجها ،، 
لكن ، مرت الايام ، ولا من جديد ، عندها وقفت بينهم كالنخلة الشامخة ..
.. انا من ستفعل المستحيل لتعيده ، 
 راحت تطالع بيتها ، وكل الاثاث الذي صففته مع زوجها ، دخلت غرفتها ، وبأنين صامت يحرق جوفها ، اخرجت علبة من خزانتها ، وما انت فتحتها حتى انهمرت دمعات عينيها ، كفكفتهما ،واخرجت مجموعة من المصوغات ، كان قد اهداها لها زوجها ،،
استطاعت هاله من بيع بعض اثاث البيت والمصوغات الذهبية ان تجمع شيئا من مبلغ الفدية
وها هي تذرف الدمع والحسرة تأكل قلبها ، امام ما كان بيتها الذي يجمعها وزوجها واطفالها ،،
 لم اتخلي عنك فقط ، لقد تخليت عن كل الذكريات والامال والامنيات والضحكات معك وانا ابيعك بابخس الاثمان ..
راحت تنظر وشرر الغضب يتطاير من عينيها ، وهي تدفع بالمبلغ كاملا الى اخوة صباح ،،
اختطاف زوجي جلا لي بوضوح من كان اخ وصديق وحبيب  له بحق ، ولو كانت روحي ستفي لاخراج زوجي من محنته ، لما بخلت ،،
حدد الخاطفين موعدا ومكانا للتبادل والتسليم ، وتم الامر بكل حذر وسرية ، 
اذا سأختارك اختُ وام وحبيبة وصديقة 
 هذا ما نطق به صباح وهو بين احضان زوجته التي كانت تبادله الكلمات دمعا واختلاجات ، وكأنها لم تصدق بعد انه بين يديها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق