لقد دخلت المدينة خطأ، بعدما التهمت الطرقات خطواتي الضالّة بحثاً عن بعض الأصدقاء، كان الهلع يقتلع عيون أبنائها، يلهب ظلالها بأنفاس كريهة، روائح تزكم الأنوف ترتفع من مزبلة راقدة عند طرف بوابتها الرئيسة، الناس ثملة بغموض التفسيرات، تتناسى سنوات الضيم والقهر وإرث الحروب:
- هذه الجثّة الغافية في حضن المزبلة منذ يومين من أين أتت؟
تتجه التفسيرات إلى الغرباء القادمين إلى المدينة، ربما لهم علاقة بالأمر، بينما انشغلت مجموعة من الفتيان بدفن الجثة خلف التلال البعيدة المحيطة بالمدينة للتخلص منها وإخفاء أثرها. المدينة تبحث بصمت ووجل عن عزلتها، وأنا أبحث عن صدى صوت لسؤالي، لا أحد يردّ، استشعرت شيئأ من الصم، وأنفاس رئاتهم تتعلق بحيرة مشوبة بالخوف، فتلوّنت الليالي بأشباح وكوابيس،أحكمت قبضتها على عيون نصف مغلقة. المزبلة ترتجف بشبح جثّة أخرى، أصوات مخيفة تخرج من أفواه المزبلة، تنسلّ بهدوء عبر الأزقة والنوافذ، تستقرّ في زوايا الغرف، المدينة تكاد تغرق في موجة من الهلع، أُوصِدت الأبواب، الجميع يراقب المكان عن كثب من فوق سطوح البنايات، ليس هناك من أثر لقادم أو أيّة حركة غريبة. ولمّا كشف النهار عن نفسه، اندفع الناس في موجة من الصمت نحو المزبلة لرفع الجثّة التي بدأت تطلق عطر الموت، وكم كانت مفاجأة حين رأوا جثّة ثانية ترقد بجوار الأولى، أطلق الجميع صرخة ذهول وآثروا الهرب إلى بيوتهم، جموع ثملة قيّدتها الأغلال. المدينة لم تعرف طعم الراحة، كانت بحاجة إلى جرعة من الهواء لتستعيد أنفاسها:
- من أين أتت الجثة الثانية؟
- يبدو أنّ المزبلة تتناسل جثثاً،لا تفسير غير هذا.
لم يكن أمام الجميع إلا أن يزيلوا المزبلة. إحتفظ الجميع بالنفايات في أكياس سوداء داخل البيوت. غفا الجميع في ليل كطيف هارب من مداه، الخوف يبعثر أوهاماً وخرافات، نظر الجميع إلى الأزقة وأطرافها لا أثر لجثة، لكنّ الغريب في الأمر أن البيوت بدأت تطلق روائح نتنة لاتطاق، تشبه روائح الأمس، المشهد كان مريعاً، الجميع في حالة هستيريا وإغماء، إحساس بموت قادم لا بدّ منه، كانت أكياس النفايات السوداء عبارة عن جثث متفسّخة. المعركة لم تنته بعد حاول الجميع الدفاع عن أنفسهم ضد أشباح الجثث الكامنة وسط النفايات والتي يمكن أن تقضي عليهم بتكاثرها، هجم الجميع على أكياس النفايات، دفنوها خلف التلال البعيدة. ضجّت المدينة بأصوات الأستنكار لما يجري، همهمات تنطلق من أفواه تقيّأت ملامحها، نسوة ترتجف من شدّة الخوف، تقدّمهم رجل كهل ابتلع خوفه: - لاحلّ أمامنا إلّا أن نتخلص من موتى المزابل، ألقوا نفاياتكم خلف التلال،لا تتركوا أثراً لها، إنّها عدونا المشترك.
يمضي الجميع إلى حيث التلال واحداً تلو الآخر، محاربون يحملون أسلحة خاسئة تنوء بقيء المزابل منذ الأسبوع الماضي. المدينة كالثكلى تتوجس قلق القادم من الأيام، تغفو على أشلاء أمن موهوم. ذات ليلة وبعد أن تراكم القلق والخوف ولوثة من جنون، وتكاثف صور أشباح وصراخ موهوم، سمع عواء كلاب سائبة عند أطراف المدينة أطفأ ماتبقى من الأحلام، سقط الجميع في هوة من الاستغراب والاضطراب لمّا رأوا جحافل من الجثث تحرسها الكلاب. في فجر اليوم التالي هرب الجميع خائفين وجلين من هول المشهد، تاركين خلفهم كلّ شيء، ليختبئوا خلف التلال البعيدة.
- هذه الجثّة الغافية في حضن المزبلة منذ يومين من أين أتت؟
تتجه التفسيرات إلى الغرباء القادمين إلى المدينة، ربما لهم علاقة بالأمر، بينما انشغلت مجموعة من الفتيان بدفن الجثة خلف التلال البعيدة المحيطة بالمدينة للتخلص منها وإخفاء أثرها. المدينة تبحث بصمت ووجل عن عزلتها، وأنا أبحث عن صدى صوت لسؤالي، لا أحد يردّ، استشعرت شيئأ من الصم، وأنفاس رئاتهم تتعلق بحيرة مشوبة بالخوف، فتلوّنت الليالي بأشباح وكوابيس،أحكمت قبضتها على عيون نصف مغلقة. المزبلة ترتجف بشبح جثّة أخرى، أصوات مخيفة تخرج من أفواه المزبلة، تنسلّ بهدوء عبر الأزقة والنوافذ، تستقرّ في زوايا الغرف، المدينة تكاد تغرق في موجة من الهلع، أُوصِدت الأبواب، الجميع يراقب المكان عن كثب من فوق سطوح البنايات، ليس هناك من أثر لقادم أو أيّة حركة غريبة. ولمّا كشف النهار عن نفسه، اندفع الناس في موجة من الصمت نحو المزبلة لرفع الجثّة التي بدأت تطلق عطر الموت، وكم كانت مفاجأة حين رأوا جثّة ثانية ترقد بجوار الأولى، أطلق الجميع صرخة ذهول وآثروا الهرب إلى بيوتهم، جموع ثملة قيّدتها الأغلال. المدينة لم تعرف طعم الراحة، كانت بحاجة إلى جرعة من الهواء لتستعيد أنفاسها:
- من أين أتت الجثة الثانية؟
- يبدو أنّ المزبلة تتناسل جثثاً،لا تفسير غير هذا.
لم يكن أمام الجميع إلا أن يزيلوا المزبلة. إحتفظ الجميع بالنفايات في أكياس سوداء داخل البيوت. غفا الجميع في ليل كطيف هارب من مداه، الخوف يبعثر أوهاماً وخرافات، نظر الجميع إلى الأزقة وأطرافها لا أثر لجثة، لكنّ الغريب في الأمر أن البيوت بدأت تطلق روائح نتنة لاتطاق، تشبه روائح الأمس، المشهد كان مريعاً، الجميع في حالة هستيريا وإغماء، إحساس بموت قادم لا بدّ منه، كانت أكياس النفايات السوداء عبارة عن جثث متفسّخة. المعركة لم تنته بعد حاول الجميع الدفاع عن أنفسهم ضد أشباح الجثث الكامنة وسط النفايات والتي يمكن أن تقضي عليهم بتكاثرها، هجم الجميع على أكياس النفايات، دفنوها خلف التلال البعيدة. ضجّت المدينة بأصوات الأستنكار لما يجري، همهمات تنطلق من أفواه تقيّأت ملامحها، نسوة ترتجف من شدّة الخوف، تقدّمهم رجل كهل ابتلع خوفه: - لاحلّ أمامنا إلّا أن نتخلص من موتى المزابل، ألقوا نفاياتكم خلف التلال،لا تتركوا أثراً لها، إنّها عدونا المشترك.
يمضي الجميع إلى حيث التلال واحداً تلو الآخر، محاربون يحملون أسلحة خاسئة تنوء بقيء المزابل منذ الأسبوع الماضي. المدينة كالثكلى تتوجس قلق القادم من الأيام، تغفو على أشلاء أمن موهوم. ذات ليلة وبعد أن تراكم القلق والخوف ولوثة من جنون، وتكاثف صور أشباح وصراخ موهوم، سمع عواء كلاب سائبة عند أطراف المدينة أطفأ ماتبقى من الأحلام، سقط الجميع في هوة من الاستغراب والاضطراب لمّا رأوا جحافل من الجثث تحرسها الكلاب. في فجر اليوم التالي هرب الجميع خائفين وجلين من هول المشهد، تاركين خلفهم كلّ شيء، ليختبئوا خلف التلال البعيدة.
عبدالكريم الساعدي
العراق
العراق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق