الأربعاء، 24 سبتمبر 2014

الفنان العراقي مقداد مسلم .. مخرجاً مسرحيا ً من الطراز المُبهر سعدي عبد الكريم / ناقد مسرحيّ


الفنان العراقي مقداد مسلم .. مخرجاً مسرحيا ً من الطراز المُبهر
سعدي عبد الكريم / ناقد مسرحيّ
يُعد ُ الفنان مقداد مسلم .. امتداداً حقيقياً وصادقاً لذلك الإرث المسرحيّ العراقي النبيل الخلاق .. فقد استطاع وبفترة وجيزة تسجيل اسمه بثقافة مسرحية راقية يشار لها بالبنان داخل الوسط الفني والثقافي والمعرفي في العراق وفي العالم العربي ، فهو من الجيل الأوسط ما بين جيل الرواد والشباب ، وهو كفنان انتاج باهر لذاك التراث الإنساني والمعرفي العراقي المبهر ، والرقيّ المسرحي المهيب .
هو ذلك الشغف التراتبي المبهر المتداخل في عمق تلك الاحتفالية المكنونة في نبض ذاكرة الفرجة المسرحية العراقية ، والالق المستنير في دائرة التلقي والإنصات ، فقد عرف كيف يؤثث مشهده المسرحي بإتقان فني لافت خارج عن المألوف والسائد ، ليتمكن من عبور حدود التقليدي ، ليشبع مفاتن الدهشة بحداثويته المبنية على الدلائل والتشفيرات والرموز في كرنفالات عروضه المسرحية ضمن منظومة (ميزانسين) حداثوي متجدد استطاع من خلاله ان يخلق حالة إخراجية متفردة تسحب إليها ذائقة المشاهدة بروية خلابة ، فقلد كانت اشتغالاته العرضية المسرحية تنال استحسان الذائقة النخبوية والشعبية على حد سواء ، بهذا الكم المبهر من ملازم تصوير مشهده المسرحي ، وهو بالتالي مداد لاشتغالاته المسرحية العديدة وتجربته الحافلة بالجمال ، وتوالد ذلك الكم الهائل من المعاني القصدية عبر لغة إخراجية فائقة الوقع الفني والتقني والمخيالي المحكوم بملاحق جمالية للعرض في فن المسرح .
لقد أدرك مقداد مسلم تمام الإدراك كيف ينفذ لمداخل العقل الجمعي للمتلقين ، ليفضي الى تأسيس مختبره المسرحي الذي أنشأه لاحتفاليته الفردية والجمعية الاشتغالية داخل ملهمه الأزلي (المسرح) فهو احد المؤسسين الأوائل لمسرح الشباب في العراق حسب عراقة مزاملتي وصداقتي له أبان أوائل السبعينيات من القرن المنصرم ، وقد أتيحت لنا فرصة العمل سوية في عرض مسرحي من تأليفي وإخراجه ،
تتمحور شخصية مقداد مسلم الإنسان أولا ، والفنان ثانيا على ركيزتين أساسيتين ، فهو إنسان من طراز أخلاقي راقي ، وعراقي من طراز المنتمي لتراب وطنه بشوق الحبيب ، وهو فنان من الجبلة الأولى التي شقت الطريق بالاعتماد على ذاتها وخزينها القرائي والاستقرائي والتحليلي والتفسيري ، وهو من الجيل الذي تعمل كيف يُقبل خشبة المسرح قبل ان يعتليه .
ومن وجه نظرنا النقدية .. فقد استطاع الفنان مقداد مسلم ان ينتشل العروض المسرحية الشعبية من الإسفاف والسطحية والابتذال ، الى مسرح شعبي تستطيع العائلة العراقية ان تنهل من على خشبته تعاليم أخلاقية وإنسانية ومعرفية راقية عبر رمزية عروضه الفرجوية الباهرة ، ودلالاته الفائقة الامتياز ، وهو بالتالي مخرج يمتلك أدواته الفنية ، وأساليبه التقنية ، ومعايير مخيالاته الجمالية في إخراج الأعمال التراجيدية الكبيرة ، لأنه .. مخرجاً مسرحياً من الطراز المُبهر .
-مقدمة لدراسة نقدية عن تجربة الفنان مقداد مسلم المسرحية ستصدر قريباً-

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق