السبت، 10 يونيو 2017

"معالي الوزير...هروب وسط النهار" قصة قصيرة علي البدر/ العراق,,

"معالي الوزير...هروب وسط النهار"
قصة قصيرة  علي البدر
ياترى.. انحن نسير الى الخلف؟ أو ربما نسير حسب فلسفة المهزومين من الحروب مبررين انسحابهم تكتيكيا كما يقولون دون اعترافهم بالخسارة أمام شعوبهم. أيعقل ان نتواصل مع اسقاطات ترمي الفشل و تفاهات يعتبرونها أفكارا ناضجة. لقد خسرنا كل الحروب التي خضناها ولكن من يجرؤ أن يغامر بنفسه وحياته وربما بعرضه.. من يجرؤ ان يقول للحاكم انك تسير بنا الى الهاويه وان جدران الأزقة الضيقة صبغت سوداء تعلن الحداد على دماء سفحت لاشباع نهم سرمدي لمغامر قاد الملايين للحروب  و لم يفهم شيئا عنها ولكن تلك الملايين التي نحرها ستطالبه يوما بتسديد الدين وعندها سيكون عاجزا عن تسديدها. وها انك عجزت ولم يحمك انسان حتى الذين كانوا حولك، ولم اتصور اننا سنتحرر من هاجس الترقب ولكن الايام بدت تزيل الغبار ليتصرف كل منا بعفوية متمتعا باجواء لم يألفها ابدا ولم تعد مشكلتنا الحرية فقد أوصلتنا اليها تلك الدماء التي نزفت والاشلاء التي نعرفها والتي لم نعرفها لحد الان. أجل الان..لم تعد الحريه التي كانت حلما مشكلتنا.. ولكن هولاء الذين تاجروا بدماء الشهداء .. أجل أصابعنا والحبر الذي تحنى بها هي التي جعلتهم يمسكون برقابنا فقد توزعوا بين ذباح بامر الاجنبي الذي يحميه ويوفر له الغطاء، وعميل يأتمر بامره فقط ليقتل ويسرق ويهيمن واذا ما أٌمسك وزج في السجن فأن سيده يأتي ويخرجه عنوة.
- أين مدير المركز؟
- أنا تفضل. وماذا تريد؟
- القائد يريده.
- و.. من أنت؟
- أنا مترجمه..
- قل له أن يأتي. فانا في عملي ولن أغادر موقعي.
 - حسنا. سأوصل رسالتك. قال المترجم ذلك لكن وقع اقدام متسارعة بدت تسمع ايقنت انهم كانوا يسمعون حواري مع مترجمهم. عشرات من الجنود المدججين بالاسلحة الاوتوماتيكية ومعهم كلبان تبدو الشراسة عليهما دخلوا المركز وحاول المترجم التحدث معي لكنني رفضت قائلا دع رئيسك يبرر سبب مجيئه بنفسه.
- نريد كل المنتسبين معنا فنحن في مهمة وبحاجة لمساعدتكم.
 - مهما تكن المهمة فان موقعنا هنا هو الاهم ونحن غير مخولين بتركه فلدينا بعض المطلوبين كما ان وزيرا قد اختلس المليارات موقوف لدي هنا بانتظار وصول اوراقه واحالته الى المحاكم المختصة..
- تقصد المواطن الاميركي.
- قل ما شئت انه عراقي الان ويجب ان يطبق القانون بحقه.
 ولم أشعر طيلة خدمتي في النظام السابق ولا الان بعهد الاحتلال باني ضعيف لهذه الدرجه فقد حدث ما أحسست به عندما أخرجوا الضباط والحرس من المركز واقتادوني بعربة مصفحة مع احد الضباط واثنين من الجنود بعيدا بحجة المساعدة بحصار وكر للارهابيين. وعند رجوعي وجدت باب السجن مفتوحا والموقف خاليا من أي سجين. فقد ناقشت الضابط الذي جاء بعدي قبل مغادرتي المركز فقال:
 - أمروني باعطائهم المفاتيح وفتحوا أبواب السجن وأفرغوه تماما . حاولت مقاومة ذلك لكن احدهم وخز ظهري ببندقيته وبدأ بشتمي بكلمات نابية فهمت منها بانه تربى في أقذر المحلات الأميركيه التي يتسكع بها اللصوص والمجرمون ومتاجروا الهيرويين والجنس وغيرها..
- والوزير اللص؟
- بصق في وجهي.
- كم هو حقير. ياليتني قتلته وهو بين يدي.
 - قلت لكم انني سأخرج. قل لرئيسك انه لن يراني أبدا. ستمتليء أرضكم باكلي لحوم البشر وستندمون على كل لحظة حجزتموني بها هنا؟ ضرب الارض بقدمه وغادر.
- تقصد هرب..
 أجل. هرب وفي وسط النهار..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق