Facebook © 2014
آخر الأخبار
حسين مردان
رائد الحداثة الشعرية العربية
رائد الحداثة الشعرية العربية
أن تكون سنة مماتكَّ هي نفسها سنة ولادتكَّ ولكن بصورة مقلوبة تدركُ ان حياتكَّ يتجاذبها ضدان (الحياة والموت وربما الماضي والمستقبل) ,وان هذه المسيرة بين الولادة والولادة او بين الموت والموت لابد ان تحمل من العمق والثراء مايجعلها خارج اطار الزمن وتحمل كل بصمات الابداع .
هكذا كانت حياة حسين مردان بين سنة ولادته(1927) ومقلوبها التي نسميه اعتباطا عام وفاته (1972).
حياة من الشعر الى الشعر ,حياة فيها من العمق والاثارة مايجعلها متحركة وفاعلة وتؤسس لكل ماهو جديد ومتغير ..
اليوم لاأريدُ ان اتكلم عن حياة حسين مردان لكنني أريدُ ان اعيد له حقه وارفع عنه الظلامة التي جعلت منه هامشا وهو في حقيقته كان يتقدم الجميع.
حسين مردان الرائد الاول للحداثة الشعرية العربية هذا هو العنوان الذي يجب ان نضعهُ امام هذا الاسم كلما مرَ بنا ,هذا الشاعر المتمرد والذي أسس لكل ماهو جديد في الشعر العربي ولكن بشكل واعي ومن دون الانزياح الكامل للتأثير الخارجي ففي الوقت التي أنسلتْ من مقاهي بغداد قصائد السياب والبياتي في الشعر الحر عام 1947 كان هو يخطط لثورة فكرية لاتخرج عن النمط التقليدي عندما أصدر ديوانه قصائد عارية عام 1949 ليعلن ثورة عارمة على المضمون قبل ثورته على الشكل التي جاءت بعد سنتين عندما اصدر مجموعته (صور مرعبة) واطلق على هذا الشكل الجديد بالنثر المركز ثم توالت دواوينه على هذا الشكل الشعري الجديد .
عزيزتي فلانة 1952, الربيع والجوع 1953, نشيد الاناشيد 1955 ,قبل ان يصدر له مجموعة من المقالات تحت عنوان (الازهار تورق داخل العاصفة) عام 1972
وهنا أريد ان أبثُ لكم مجموعة من اراءه الي تدور حول الشكل الجديد في الشعر.
1-يرى حسين مردان ان الشعر الحقيقي ينطلق من الأرض التي تحتوي الشاعر ويجب ان يأخذ ملامح هذه الارض وان التأثيرات الاخرى هي لتوسيع الافق فقط حيث يقول.
(أريد ان نعطي لشعرنا الوانه الثابتة من حقيقتنا ومن أرضنا ومن مجتمعنا قبل أن نمد أيدينا الى ادب الشعوب الاخرى والاستفادة منه من الناحية الادبية والفكرية)
2-ان مهمة الشاعر مهمة عالمية لايجب ان يحتجزها برؤية ضيقة بل عليها ان تنفتح على كل الافاق والرؤى وتنطلق نحو كل المساحات المأهولة بالجمال حيث يقول
(الشاعر المحارب في عصرنا يجب عليه ان يتغاضى عن السماء ويرتدي الدرع ليقاتل كل مستكلب يريد رش الكبريت فوق حدائق العالم)
3-حسين مردان يؤمن بأن الكلمة هي الوحدة العضوية الاولى التي يجب ان يتعامل معها الشاعر وهي وحدها التي تستطيع ان تؤسس لرؤية خارج اطار الاشكال الثابتة والتراكيب المستهلكة حيث يقول
(الشعر الحديث يرتكز على ممارسة الولوج في نواة الكلمة ,وحدها تعلن التمرد على القديم لانها المبضع المقدس لفصد عروق التقليد وسحب الدم الميت ,لذلك فأن عدم شحن الكلمة الشعرية بنصيب من الوعي يُضعف حيويتها في الاقناع والتثبت).
4-على الشعر ان لايسقط في خرائب الماضي بل عليه ان يحدد اوراق تجدده دائما وعليه ان يتمتع برؤية شاملة نحو الوجود حيث يقول
(الشعر لايعيش في الخرائب وفوق اشلاء الاطفال وفي الخيام البائسة التي يتكدس فيها احفاد اولئك الرجال الذين ولجوا الموج المظلم لينشروا النور في كل مكان بواسطة مجذاف من خشب الصنوبر)
5-حسين مردان يرفض الموسيقى التقليدية القائمة على نظام الفراهيدي ويسميها بالموسيقى التزيينية ويطلب ان تكون الموسيقى كالنبض الحي للنص وان كل نص يجب ان يخلق موسيقاه الداخلية حيث يقول
(ان الشعر الحديث هو شكل قبل كل شئ ,اي قبل ان يصبح معنى او مضمون وعليه فهو أذا موسيقى وهذه الموسيقى ليست بالضرورة تزيينية بل هي بمثابة النبض الحي في القصيدة وبما ان الموسيقى الداخلية غير ملموسة لانها تتولد من التنظيم التي تستجيب له الكلمات بعد عمليات التفصيل التي يقوم بها الشاعر لذا فأن رقة الموسيقى وخشونتها ترتبط بالحالة النفسية اثناء الخلق).
6-يرى حسين مردان ان الصورة الشعرية يجب ان تمتاز بالتوسع والثبات ويجب ان تسحب المتلقي الى افق اكثر سعة وتضعهُ في منطقة الدهشة القائمة على المعرفة دون ان تسقطهُ في بئر اللامعنى حيث يقول
(ان الصورة الشعرية التي لاتكتسب اصالتها من قابليتها الفذة في التوسع والثبات لن تستطيع ان تغزو الذهن او تستقر فيه مدة طويلة وخاصة عندما تأتي مسلوخة من جوها الموسيقي)
هذه بعض اراء حسين مردان في النص الشعري الحديث ,ليس هذا فقط بل انه وفي كل كتاباته الشعرية كان يتمسك بهذه الرؤى ويؤسس لشكل شعري قبل سنوات من ظهور ماتسمى بقصيدة النثر او الشعر المنثور.
ففي عام 1957 اصدر انسي الحاج اولى محاولاته في مجلة (شعر) كما ان أدونيس بدأ بكتابة هذا اللون من الشعر عام 1958 ثم تبعهم يوسف الخال واخرون ,اما حسين مردان فقد اصدر عدة مجاميع في الشعر المنثور في الفترة مابين (1951- 1955) اي قبل محاولات انسي الحاج وادونيس بحوال الست سنوات ..
لقد نظم حسين مردان (صور مرعبة) على نمط لم يُعرف له اسم بعد لذلك أسماه (بالنثر المركز) ويقرر انه خلقه خلقا بمعنى انه ذهب اليه دون سابق عادة او قدوة او دعوة.
مع العلم ان مصطلح قصيدة النثر اطلقه أدونيس عام 1960 في مقال له في مجلة شعر تحت عنوان (في قصيدة النثر).
هذا يعني ان الشاعر العراقي مردان كتب مجاميع شعرية كاملة في النص النثري قبل اطلاق التسمية بتسع سنوات مما يجعله الرائد الحقيقي لهذا الشكل الشعري واعتقد ان علاقته المميزة مع عبد الوهاب البياتي والسياب رواد الشعر الحر 1947 هي من منعته من اطلاق كلمة قصيدة على ماكتبه عام 1951 اي بعد اربع سنوات من ظهور الشعر الحر.
والغريب ان عدد قليل جدا من النقاد والشعراء الذين اعترفوا بهذه الريادة لحسين مردان بل ان الاغلب الاعم اعترفوا بريادة جماعة مجلة (شعر) متجاهلين او متناسين ماطلقه مردان قبل سنوات بمجرد ان مردان نفسه لم يطلق على ماكتبه كلمة قصيدة بالرغم انه يحمل كل مقومات النص النثري الذي اطلقه ادونيس وانسي الحاج بعد ذلك.
كانت رؤية حسين مردان قد تجاوزت الاشكال الاولى للنص النثري الذي يعتمد على التغريب والرمزية الى بساطة التراكيب رغم جديتها وتأثير الصورة المتحركة والفاعلة والمؤثرة,والذي تحيز له الشعراء التسعينيون والحقيقة ان الصورة الحاضرة لقصيدة النثري قريبة جدا مما انتجه حسين مردان في بداية الخمسينات.
اذا كانت جماعة مجلة (شعر) هي من احتلت الجزء الاوسع من التاسيس للحداثة الشعرية العربية فأن جماعة الوقت الضائع 1946 والتي قام بتأسيسها مردان مع مجموعة من الشعراء والقصاصين والرسامين والتي اتخذت في مقهى في منطقة الاعظمية اسماها مردان (مقهى الواق واق) كانت الصرخة الاولى التي ادت الى انتاج الحداثة ليس في الشعر بل في مجمل مجالات الادب والفن ,والحقيقة ان قوة الاعلام العربي هو من ابرز جماعة (شعر) وسحب البساط من تحت اقدام جماعة الوقت الضائع واعتقد ايضا ان ابتعاد حسين مردان من الارتباط باي حزب سياسي قومي او علماني او حتى ديني هو الذي ابعد الاضواء عنه فبالرغم من ميوله الماركسية احيانا والسارترية احيانا اخرى لكنه بقى طائرا حرا في سماء الابداع والتجدد.
هكذا كانت حياة حسين مردان بين سنة ولادته(1927) ومقلوبها التي نسميه اعتباطا عام وفاته (1972).
حياة من الشعر الى الشعر ,حياة فيها من العمق والاثارة مايجعلها متحركة وفاعلة وتؤسس لكل ماهو جديد ومتغير ..
اليوم لاأريدُ ان اتكلم عن حياة حسين مردان لكنني أريدُ ان اعيد له حقه وارفع عنه الظلامة التي جعلت منه هامشا وهو في حقيقته كان يتقدم الجميع.
حسين مردان الرائد الاول للحداثة الشعرية العربية هذا هو العنوان الذي يجب ان نضعهُ امام هذا الاسم كلما مرَ بنا ,هذا الشاعر المتمرد والذي أسس لكل ماهو جديد في الشعر العربي ولكن بشكل واعي ومن دون الانزياح الكامل للتأثير الخارجي ففي الوقت التي أنسلتْ من مقاهي بغداد قصائد السياب والبياتي في الشعر الحر عام 1947 كان هو يخطط لثورة فكرية لاتخرج عن النمط التقليدي عندما أصدر ديوانه قصائد عارية عام 1949 ليعلن ثورة عارمة على المضمون قبل ثورته على الشكل التي جاءت بعد سنتين عندما اصدر مجموعته (صور مرعبة) واطلق على هذا الشكل الجديد بالنثر المركز ثم توالت دواوينه على هذا الشكل الشعري الجديد .
عزيزتي فلانة 1952, الربيع والجوع 1953, نشيد الاناشيد 1955 ,قبل ان يصدر له مجموعة من المقالات تحت عنوان (الازهار تورق داخل العاصفة) عام 1972
وهنا أريد ان أبثُ لكم مجموعة من اراءه الي تدور حول الشكل الجديد في الشعر.
1-يرى حسين مردان ان الشعر الحقيقي ينطلق من الأرض التي تحتوي الشاعر ويجب ان يأخذ ملامح هذه الارض وان التأثيرات الاخرى هي لتوسيع الافق فقط حيث يقول.
(أريد ان نعطي لشعرنا الوانه الثابتة من حقيقتنا ومن أرضنا ومن مجتمعنا قبل أن نمد أيدينا الى ادب الشعوب الاخرى والاستفادة منه من الناحية الادبية والفكرية)
2-ان مهمة الشاعر مهمة عالمية لايجب ان يحتجزها برؤية ضيقة بل عليها ان تنفتح على كل الافاق والرؤى وتنطلق نحو كل المساحات المأهولة بالجمال حيث يقول
(الشاعر المحارب في عصرنا يجب عليه ان يتغاضى عن السماء ويرتدي الدرع ليقاتل كل مستكلب يريد رش الكبريت فوق حدائق العالم)
3-حسين مردان يؤمن بأن الكلمة هي الوحدة العضوية الاولى التي يجب ان يتعامل معها الشاعر وهي وحدها التي تستطيع ان تؤسس لرؤية خارج اطار الاشكال الثابتة والتراكيب المستهلكة حيث يقول
(الشعر الحديث يرتكز على ممارسة الولوج في نواة الكلمة ,وحدها تعلن التمرد على القديم لانها المبضع المقدس لفصد عروق التقليد وسحب الدم الميت ,لذلك فأن عدم شحن الكلمة الشعرية بنصيب من الوعي يُضعف حيويتها في الاقناع والتثبت).
4-على الشعر ان لايسقط في خرائب الماضي بل عليه ان يحدد اوراق تجدده دائما وعليه ان يتمتع برؤية شاملة نحو الوجود حيث يقول
(الشعر لايعيش في الخرائب وفوق اشلاء الاطفال وفي الخيام البائسة التي يتكدس فيها احفاد اولئك الرجال الذين ولجوا الموج المظلم لينشروا النور في كل مكان بواسطة مجذاف من خشب الصنوبر)
5-حسين مردان يرفض الموسيقى التقليدية القائمة على نظام الفراهيدي ويسميها بالموسيقى التزيينية ويطلب ان تكون الموسيقى كالنبض الحي للنص وان كل نص يجب ان يخلق موسيقاه الداخلية حيث يقول
(ان الشعر الحديث هو شكل قبل كل شئ ,اي قبل ان يصبح معنى او مضمون وعليه فهو أذا موسيقى وهذه الموسيقى ليست بالضرورة تزيينية بل هي بمثابة النبض الحي في القصيدة وبما ان الموسيقى الداخلية غير ملموسة لانها تتولد من التنظيم التي تستجيب له الكلمات بعد عمليات التفصيل التي يقوم بها الشاعر لذا فأن رقة الموسيقى وخشونتها ترتبط بالحالة النفسية اثناء الخلق).
6-يرى حسين مردان ان الصورة الشعرية يجب ان تمتاز بالتوسع والثبات ويجب ان تسحب المتلقي الى افق اكثر سعة وتضعهُ في منطقة الدهشة القائمة على المعرفة دون ان تسقطهُ في بئر اللامعنى حيث يقول
(ان الصورة الشعرية التي لاتكتسب اصالتها من قابليتها الفذة في التوسع والثبات لن تستطيع ان تغزو الذهن او تستقر فيه مدة طويلة وخاصة عندما تأتي مسلوخة من جوها الموسيقي)
هذه بعض اراء حسين مردان في النص الشعري الحديث ,ليس هذا فقط بل انه وفي كل كتاباته الشعرية كان يتمسك بهذه الرؤى ويؤسس لشكل شعري قبل سنوات من ظهور ماتسمى بقصيدة النثر او الشعر المنثور.
ففي عام 1957 اصدر انسي الحاج اولى محاولاته في مجلة (شعر) كما ان أدونيس بدأ بكتابة هذا اللون من الشعر عام 1958 ثم تبعهم يوسف الخال واخرون ,اما حسين مردان فقد اصدر عدة مجاميع في الشعر المنثور في الفترة مابين (1951- 1955) اي قبل محاولات انسي الحاج وادونيس بحوال الست سنوات ..
لقد نظم حسين مردان (صور مرعبة) على نمط لم يُعرف له اسم بعد لذلك أسماه (بالنثر المركز) ويقرر انه خلقه خلقا بمعنى انه ذهب اليه دون سابق عادة او قدوة او دعوة.
مع العلم ان مصطلح قصيدة النثر اطلقه أدونيس عام 1960 في مقال له في مجلة شعر تحت عنوان (في قصيدة النثر).
هذا يعني ان الشاعر العراقي مردان كتب مجاميع شعرية كاملة في النص النثري قبل اطلاق التسمية بتسع سنوات مما يجعله الرائد الحقيقي لهذا الشكل الشعري واعتقد ان علاقته المميزة مع عبد الوهاب البياتي والسياب رواد الشعر الحر 1947 هي من منعته من اطلاق كلمة قصيدة على ماكتبه عام 1951 اي بعد اربع سنوات من ظهور الشعر الحر.
والغريب ان عدد قليل جدا من النقاد والشعراء الذين اعترفوا بهذه الريادة لحسين مردان بل ان الاغلب الاعم اعترفوا بريادة جماعة مجلة (شعر) متجاهلين او متناسين ماطلقه مردان قبل سنوات بمجرد ان مردان نفسه لم يطلق على ماكتبه كلمة قصيدة بالرغم انه يحمل كل مقومات النص النثري الذي اطلقه ادونيس وانسي الحاج بعد ذلك.
كانت رؤية حسين مردان قد تجاوزت الاشكال الاولى للنص النثري الذي يعتمد على التغريب والرمزية الى بساطة التراكيب رغم جديتها وتأثير الصورة المتحركة والفاعلة والمؤثرة,والذي تحيز له الشعراء التسعينيون والحقيقة ان الصورة الحاضرة لقصيدة النثري قريبة جدا مما انتجه حسين مردان في بداية الخمسينات.
اذا كانت جماعة مجلة (شعر) هي من احتلت الجزء الاوسع من التاسيس للحداثة الشعرية العربية فأن جماعة الوقت الضائع 1946 والتي قام بتأسيسها مردان مع مجموعة من الشعراء والقصاصين والرسامين والتي اتخذت في مقهى في منطقة الاعظمية اسماها مردان (مقهى الواق واق) كانت الصرخة الاولى التي ادت الى انتاج الحداثة ليس في الشعر بل في مجمل مجالات الادب والفن ,والحقيقة ان قوة الاعلام العربي هو من ابرز جماعة (شعر) وسحب البساط من تحت اقدام جماعة الوقت الضائع واعتقد ايضا ان ابتعاد حسين مردان من الارتباط باي حزب سياسي قومي او علماني او حتى ديني هو الذي ابعد الاضواء عنه فبالرغم من ميوله الماركسية احيانا والسارترية احيانا اخرى لكنه بقى طائرا حرا في سماء الابداع والتجدد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق