ماسةٌ في طريق العشق )
قصة قصيرة للأديب / محمد شعبان
قصة قصيرة للأديب / محمد شعبان
تلك هي اللحظة التي كان يهفو لها قلبه ، وهذا هو ذات المكان الذي كان يداعب أحلامه وهما يقفان عروسين تبتهج بفرحتهما الدنيا أمام كل هؤلاء المدعوِّين من الأقارب والأهل والمعارف .. ، وفستان الزفاف الأبيض المرصع بالألماس ذو الذيل الطويل تحمله الصديقات هو نفسه الذي ما فتئ يتخيلها به وهي تقف بجانبه أمام الكوشة المدهشة وعلى مسرح القاعة المليء .. لم يتخيل نفسه بجانب عروس أخرى في هذه الليلة، فلم يُخلق أحدهما سوى للآخر .. والتاج الأبيض يتهلل فوق جبينها المتلألئ نورا وبهاء ... إنها أميرة الليلة بل أميرة قلبه ومليكته منذ تعرف إليها ...
لا يصدق عينيه .. فكلُّ ما تمنى أن يراه محققا تحقق الليلة ... العيون كلها ممتدة تلتمس نظرة من ماسته الجميلة وهي تُنْعمُ بنظراتها الفاتنة وتحسن بابتساماتها الساحرة ... ماسيَّةٌ لا يزيدها الزمن إلا جمالا وتلألؤا ..
أول يوم له بالشركة كُلِّفت هي بمرافقته لبعض مواقع المشروعات وعرض رسومها الهندسية ، وإطلاعه على الأوراق الخاصة ببعض الصفقات ، لم تُشعره ولو للحظة ـ أنها الأقدمُ والأكثرُ خبرة ً، ولم ترتدي رداء الرئيس مع مرؤوسه معه .. جادَّةٌ في غير تكبر ..حازمةٌ في غير سيطرة .. لا تكاد تتركه .. حتى اعتاد العملَ معها كأنه تسليتُه ومتعته ، وأيام العطلات مليلة ثقيلة لأنه لا يراها فيها ، فلم يعد الشغل شغلا دون أن الائتناس بحضورها، وعندما نقلت للعمل بفرع الشركة بمدينة أخرى أمسى جسدا بلا روح ، و استحالت أيامه جحيما ،حتى إنه استحق أول ( لفت نظر ) في عمله ، وهو المهندس المشهود له بالنشاط والجد والكفاءة ...
واليوم يوم الوفاء الذي يشهد بإخلاص حبه وعشقه لها .. امتلكَت هذه الساحرة الجادة النشيطة المستقيمة قلبَه وكلَّ كيانه طوال هذه الفترة التي عرفها فيها .. مختلفة تمامًا عن كل اللواتي عرفهن وتعامل معهن وهو الوسيم الذي تمتنه كل بنات الجامعة ولو بنظرة رضى واحدة منه .. لم يتمن الارتباط بإحداهن كما تمنى هذه .. فهي الوحيدة التي استطاعت بجدارة كبح جماح عشقه الطائر المسافر في كل الآفاق المجذوب لكل الألوان ... فاحتقر كل علاقاته التي أنشأتها الرغبة العارضة والشهوة المريضة .. كان ذلك كله في مدة قصيرة جدا .. هو نفسه لا يصدق أن هذا الكمَّ من الحب النقي المبرأ من الهوى يمكن أن يبدأ وينمو خلال شهرين ونصف فحسب من التعارف ، ولكنْ يبدو أن الظروف والأجواء كانت مواتية لاهتدائه لهذا النوع من الحب وهذا النوع من الشخصيات
... والآن مع كعكة الزفاف البيضاء ذات الأدوار الثلاثة .. تدعو الجميع ليلتفوا حولها ، والكل يقترب لينال لقطةً مع ماسة الليلة .. أما هو فالزحام يمنعه من الاقتراب أكثر ... حاول الاقتراب أكثر .. المكان يضيق بالحضور .. حتى إن منظمي الحفل عجزوا عن تنظيم الناس ... الكل فَرِحٌ بالعروس الجميلة ذات القلب الطيب والأخلاق الكريمة ، أما هو فما زالا الزحام يمنعه عنها، فيتساءل : لمَ هذا ؟ .. لمْ أشعر أبدًا بالزحام وهي معي .. لمَ الآن ؟ .. كم ذَلَّتْ لصحبتها مشقة العمل ، وغالب همسُها أصواتِ الآلات والمعدات الصاخبة ، فقد كان مجرد حضورها يحول مواقع الإنشاءات المغبرة جنانا عطرة ، وكأنها شمس أستمد منها طاقتي وحياتي ... لماذا تتسلل البرودة إلى قلبي الآن مع أن الجو بالقاعة لطيف وجميل ؟..ولماذا تقتحمني الغربة ومعظم هذه الوجوه مألوف بالنسبة لي ؟ ... وعلى العادة يقترب العروسان لتتلامس أيديهما ويتشاركا في تقطيع ( التورته ) وتوزيعها .. وهو يكافح الزحام .. يقترب أكثر .. ما زال يحاول الاقتراب أكثر .. ها قد وصل .. مدَّ يده .. سلَّمَ على العروسين .. تناول قطعةَ ( جاتوه ) .. ثم عاد إلى مكانه .
=================
انتهت
لا يصدق عينيه .. فكلُّ ما تمنى أن يراه محققا تحقق الليلة ... العيون كلها ممتدة تلتمس نظرة من ماسته الجميلة وهي تُنْعمُ بنظراتها الفاتنة وتحسن بابتساماتها الساحرة ... ماسيَّةٌ لا يزيدها الزمن إلا جمالا وتلألؤا ..
أول يوم له بالشركة كُلِّفت هي بمرافقته لبعض مواقع المشروعات وعرض رسومها الهندسية ، وإطلاعه على الأوراق الخاصة ببعض الصفقات ، لم تُشعره ولو للحظة ـ أنها الأقدمُ والأكثرُ خبرة ً، ولم ترتدي رداء الرئيس مع مرؤوسه معه .. جادَّةٌ في غير تكبر ..حازمةٌ في غير سيطرة .. لا تكاد تتركه .. حتى اعتاد العملَ معها كأنه تسليتُه ومتعته ، وأيام العطلات مليلة ثقيلة لأنه لا يراها فيها ، فلم يعد الشغل شغلا دون أن الائتناس بحضورها، وعندما نقلت للعمل بفرع الشركة بمدينة أخرى أمسى جسدا بلا روح ، و استحالت أيامه جحيما ،حتى إنه استحق أول ( لفت نظر ) في عمله ، وهو المهندس المشهود له بالنشاط والجد والكفاءة ...
واليوم يوم الوفاء الذي يشهد بإخلاص حبه وعشقه لها .. امتلكَت هذه الساحرة الجادة النشيطة المستقيمة قلبَه وكلَّ كيانه طوال هذه الفترة التي عرفها فيها .. مختلفة تمامًا عن كل اللواتي عرفهن وتعامل معهن وهو الوسيم الذي تمتنه كل بنات الجامعة ولو بنظرة رضى واحدة منه .. لم يتمن الارتباط بإحداهن كما تمنى هذه .. فهي الوحيدة التي استطاعت بجدارة كبح جماح عشقه الطائر المسافر في كل الآفاق المجذوب لكل الألوان ... فاحتقر كل علاقاته التي أنشأتها الرغبة العارضة والشهوة المريضة .. كان ذلك كله في مدة قصيرة جدا .. هو نفسه لا يصدق أن هذا الكمَّ من الحب النقي المبرأ من الهوى يمكن أن يبدأ وينمو خلال شهرين ونصف فحسب من التعارف ، ولكنْ يبدو أن الظروف والأجواء كانت مواتية لاهتدائه لهذا النوع من الحب وهذا النوع من الشخصيات
... والآن مع كعكة الزفاف البيضاء ذات الأدوار الثلاثة .. تدعو الجميع ليلتفوا حولها ، والكل يقترب لينال لقطةً مع ماسة الليلة .. أما هو فالزحام يمنعه من الاقتراب أكثر ... حاول الاقتراب أكثر .. المكان يضيق بالحضور .. حتى إن منظمي الحفل عجزوا عن تنظيم الناس ... الكل فَرِحٌ بالعروس الجميلة ذات القلب الطيب والأخلاق الكريمة ، أما هو فما زالا الزحام يمنعه عنها، فيتساءل : لمَ هذا ؟ .. لمْ أشعر أبدًا بالزحام وهي معي .. لمَ الآن ؟ .. كم ذَلَّتْ لصحبتها مشقة العمل ، وغالب همسُها أصواتِ الآلات والمعدات الصاخبة ، فقد كان مجرد حضورها يحول مواقع الإنشاءات المغبرة جنانا عطرة ، وكأنها شمس أستمد منها طاقتي وحياتي ... لماذا تتسلل البرودة إلى قلبي الآن مع أن الجو بالقاعة لطيف وجميل ؟..ولماذا تقتحمني الغربة ومعظم هذه الوجوه مألوف بالنسبة لي ؟ ... وعلى العادة يقترب العروسان لتتلامس أيديهما ويتشاركا في تقطيع ( التورته ) وتوزيعها .. وهو يكافح الزحام .. يقترب أكثر .. ما زال يحاول الاقتراب أكثر .. ها قد وصل .. مدَّ يده .. سلَّمَ على العروسين .. تناول قطعةَ ( جاتوه ) .. ثم عاد إلى مكانه .
=================
انتهت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق