نار بلا دخان
-------؛-----
قصة قصيرة للأديب /محمد شعبان
------------؛---------------
:ـ أنتَ فاجأتَني بهذا الطلبِ الغريب .. أنا شخصيًّا لم أكنْ مقتنعةً بصداقة بين ولد وبنت في المرحلة الجامعية حتى كانت ( زينه ) سببا في تعرفنا إليك عندما طلبت منك الاشتراك معنا في إعداد الأبحاث .. أنا رفضتُ في بداية الأمر حتى إني قاطعتها لفترة لأن هذا ما لم نتفق عليه أنا وهي ، فمنذ دخولنا الجامعة اتفقنا على عدم إقامة علاقة من أي نوع مع أولاد بالجامعة .. وأذكر لكَ ما قالتْهُ عنكَ :ـ هو مختلف عن الشباب هنا .. كلامه مع البنات في حدود الزمالة ولا يتعدى الكلام بحال من الأحوال ، فغيره يمازح بالأيدي وبالألفاظ النابية البذيئة .. تلك البنت الرقيعة ذات الملابس الخليعة والعلاقات المشبوهة والتي لا علاقة بالجامعة أصلا لكنها تتردد على الجامعة لأغراضها الشاذة عندما حاولت الاقتراب منه خاطبها بحزم قائلا :ـ ابحثي لك عن لعبة بعيدا عني .. تولَّتْ تجرجر أذيال خيبة الأمل والندامة أن فشلت في استقطابه كما فعلت مع أصحاب النفوس العليلة من شباب الجامعة ...
كلامُها عنك وعن صفاتك الحسنة هو من أقنعني بالتعرف إليك ، وتعرفنا بالكلية وكنا نتشارك في تحضير الأبحاث واحترمناك كشاب يقدر البنات ، ويعاملهن كأخواته وأكثر .. أَعْجَبَنا أدبُك الجم الذي يَظهر دائما في حسن معاملتك للآخرين .. ترفض أن تتركنا حتى تطمئن أننا ركبنا السيارة التي تقلنا للبيت .. أحيانا تتبعنا بسيارتك حتى تطمئن أننا وصلنا بسلام .. كان وجودك بجانبنا في باحة الجامعة يشعرنا بالأمان من دبابير الجامعة البشرية التي تحوم حول البنات .. شاب مثلك مفتول العضلات قوي البنية رياضي من الدرجة ، ويحمل درع الجامعة في كمال الأجسام يقف بجوارنا لا يتجرأ أحد حتى على مجرد النظر إلينا .. كنا لا نذهب للجامعة في اليوم الذي تتغيب فيه ... لم نجد أيَّ حرج في الحديث عنك مع أبوينا حتى صاروا يتصلون بك ويوصونك بنا خيرا..
:ــ يا ( كريم ) حافظ على البنتين إنهما كأختيك ..
لكنها أبدًا لم تعتبرك أخًا لها .. إنها دائما كانت ترى فيك الحبيب الذي تتمنى أن تتزوجه وتقضي معه عمرها كله في بيت واحد ، كم تمنت ذلك وحدثتني بذلك كثيرًا ، ولعلك لاحظتَ أنَّها ما انفكت تحاول التقرب منك بكل الوسائل ... كنت أحاول دائمًا لفت نظرها ، وإثناءها لكنَّ حبها لك أصبح مُندفعا بلا مكابح .. لم أعتقد يوما أن الحب قد يتحكم بتصرفات إنسان لهذا الحد .. أتظن أن لقاءكما الأول بالنادي كان صدفة ؟ .. حكت لي كيف أنها استدرجتك في الكلام حتى عرفت منك برنامج عطلتك الأسبوعية ... كشاكيل المحاضرات هي من أخفتها حتى تستطيع قضاء أكبر وقت معك تنقل منك المحاضرات مع أنها داما ما كانت تطلبها مني ، وكذلك هي التي اقترَحَتْ على أبويها قضاء عطلة نصف العام في نفس الفندق الذي نزلتَ أنتَ فيه .. لَكَمْ تحدَّثَتْ عن صفاتك التي طالما تخيَلَتْها في فتى أحلامها المنتظر ... أبيض ... كثيف الشعر ناعمه أسود كسواد ليل حالك .. عينان عسليتان نجلاوان .. فارع الطول .. هادئ الطباع .. ، وكل ذلك وجدته فيك ـ يا كريم ـ ، بل وصفات أخرى قلَّمَا نجدها في شباب هذه الأيام، وهو أنك ذو أدب ونخوة وتدين ووفاء وإخلاص ..
والآن ؟!.. الآن؟! .. هل تدري عواقب ما تطلبه مني الآن ؟!.. أنت هنا الآن في بيتي ، وتطلب مني أن نتزوج بينما صديقتي الآن بانتظارك في القاعة بفستان الزفاف ، وقد عُقِدَ قرانكما قبل أسبوع .. الكل بانتظارك الآن ، وتقول إنك اكتشفت أن حبك لي أنا وليس لها .. يبدو أنك لا تعلم ..لا تعلم .. أنت ستجعلني أرتكب جريمة في حق صديقتي .. ربما يقتلها هذا الأمر ، وأفقد أعز صديقة لي ، بل الوحيدة .. أنت حقًّا لا تعرف منزلة ( زينه ) في قلبي إنها أختي التي لم تلدها أمي .. إنها ملاذ نفسي الآمن إذا ما حزبني أمر وادلهمت الخطوب بي ... مجرد جلوسي معها وحديثي إليها ينسيني همومي وشجوني .. لو أني آلة فإن مفاتيحي كلها في يد ( زينه ) ... اسمع ـ يا كريم ـ أنا لا أنْكر أبدا أنني أحببتك حدَّ العشق ، وتمنيت أن لوكنت اليوم مكان ( زينه) .. عندما كنتما تلتقيان كنت أتخيل نفسي معك أتبادل معك كلمات الحب ، ونرسم سويا صورة وردية لمستقبلنا معا ، وعندما كنتَ تتصلُ بها وأنا بجانبها لم يكن أحدٌ أحسدَ لأحدٍ مني في هذه اللحظة .. حاولت كثيرًا أن ألفت نظرَك إلىَّ لكنني لم أستطع خوفًا على شعور ( زينه ) .. وكلما اقتربتُ منكَ شعرتَ فيك فتى أحلامي أنا الذي تمنيتك لنفسي أنا ... لم أكن أتوقع أنكَ تبادلني نفس المشاعر في الوقت الذي كنت أعتقد فيه أن حبي من طرف واحد هو أنا .. أتدري ـ يا كريم ـ عند كَتْبِ الكتاب في منزل ( زينه ) وطُلِبَ من وكيل العروس أخذَ رأيها تمنيتُ أن ترفضكَ ، لأقومَ أنا على الفور وأخطفكَ من بين الحاضرين وأنطلقَ بكَ حيث مكان يجمعنا معًا وحدَنا دونَ رقيبٍ أو حسيب ... ليتكَ بكَّرت قبل هذا الوقت ـ يا كريم ، أو ليتكَ لم تتحدثْ في هذا الأمر وتركتني أعاني مرارةَ بُعْدِكَ عني وحدي .. تأخرتَ ـ يا كريم ـ ولا أرى سوى أن يكتم كل واحد منا حبَّه للآخر كما ظل حبيسا كل هذه الفترة لأن من سيتحمل الفاتورة كاملة هو صديقتي ( زينه ) ، وأنا أقبل أن أتحمل كل المعاناة وحدي ولا تصاب مشاعر صديقتي بسوء أبدا ، سأظل ـ ما حييت ـ ملتاعة القلب مسهدةَ الفكرِ مشتاقةً إليكَ ـ يا كريم ـ .. آاااهٍ ثم آااااهٍ لقد نكأْتَ جرح قلبي الذي حاولت ردحا رتقَ أغواره ، لكن أما وقد احتكم الأمر ، فما ينبغي علينا إلا أن نكفكف دموعنا وننطلق إلى زفافك إلى ( زينه ) صديقتي العزيزة وعليك أن تحافظ عليها دائما وأن تراعي الله فيها وأن تعتبرني حماتك من الآن لن أسمح لك أن تسيء إليها أبدًا .. ضعها في عينيك واحفظها حتى من الهواء الطائر إن ( زينه ) طيبة القلب وهي تحبك أكثر مما أحبكَ أنا ولقد عاهدَتْنِي هي على حُسنِ عشرتك وطاعتك واااا
:ـ شيماء .. يا شيمااااء .. ها .. أما زلتَ هنا ؟!! .. لماذا تجلسين هكذا ـ يا بنيتي ـ وَحْدَكِ ؟! ، ولماذا تبكين ـ يا حبيبة قلبي ـ .. كان ينبغي أن نكون في القاعة الآن !!
:ـ هذه دموع فرح يا أمي اليوم زفاف أعز الناس إلى قلبي .. هيَّا هيَّا .. لقد تأخرْنا كثيرًا عليهما .
-------؛-----
قصة قصيرة للأديب /محمد شعبان
------------؛---------------
:ـ أنتَ فاجأتَني بهذا الطلبِ الغريب .. أنا شخصيًّا لم أكنْ مقتنعةً بصداقة بين ولد وبنت في المرحلة الجامعية حتى كانت ( زينه ) سببا في تعرفنا إليك عندما طلبت منك الاشتراك معنا في إعداد الأبحاث .. أنا رفضتُ في بداية الأمر حتى إني قاطعتها لفترة لأن هذا ما لم نتفق عليه أنا وهي ، فمنذ دخولنا الجامعة اتفقنا على عدم إقامة علاقة من أي نوع مع أولاد بالجامعة .. وأذكر لكَ ما قالتْهُ عنكَ :ـ هو مختلف عن الشباب هنا .. كلامه مع البنات في حدود الزمالة ولا يتعدى الكلام بحال من الأحوال ، فغيره يمازح بالأيدي وبالألفاظ النابية البذيئة .. تلك البنت الرقيعة ذات الملابس الخليعة والعلاقات المشبوهة والتي لا علاقة بالجامعة أصلا لكنها تتردد على الجامعة لأغراضها الشاذة عندما حاولت الاقتراب منه خاطبها بحزم قائلا :ـ ابحثي لك عن لعبة بعيدا عني .. تولَّتْ تجرجر أذيال خيبة الأمل والندامة أن فشلت في استقطابه كما فعلت مع أصحاب النفوس العليلة من شباب الجامعة ...
كلامُها عنك وعن صفاتك الحسنة هو من أقنعني بالتعرف إليك ، وتعرفنا بالكلية وكنا نتشارك في تحضير الأبحاث واحترمناك كشاب يقدر البنات ، ويعاملهن كأخواته وأكثر .. أَعْجَبَنا أدبُك الجم الذي يَظهر دائما في حسن معاملتك للآخرين .. ترفض أن تتركنا حتى تطمئن أننا ركبنا السيارة التي تقلنا للبيت .. أحيانا تتبعنا بسيارتك حتى تطمئن أننا وصلنا بسلام .. كان وجودك بجانبنا في باحة الجامعة يشعرنا بالأمان من دبابير الجامعة البشرية التي تحوم حول البنات .. شاب مثلك مفتول العضلات قوي البنية رياضي من الدرجة ، ويحمل درع الجامعة في كمال الأجسام يقف بجوارنا لا يتجرأ أحد حتى على مجرد النظر إلينا .. كنا لا نذهب للجامعة في اليوم الذي تتغيب فيه ... لم نجد أيَّ حرج في الحديث عنك مع أبوينا حتى صاروا يتصلون بك ويوصونك بنا خيرا..
:ــ يا ( كريم ) حافظ على البنتين إنهما كأختيك ..
لكنها أبدًا لم تعتبرك أخًا لها .. إنها دائما كانت ترى فيك الحبيب الذي تتمنى أن تتزوجه وتقضي معه عمرها كله في بيت واحد ، كم تمنت ذلك وحدثتني بذلك كثيرًا ، ولعلك لاحظتَ أنَّها ما انفكت تحاول التقرب منك بكل الوسائل ... كنت أحاول دائمًا لفت نظرها ، وإثناءها لكنَّ حبها لك أصبح مُندفعا بلا مكابح .. لم أعتقد يوما أن الحب قد يتحكم بتصرفات إنسان لهذا الحد .. أتظن أن لقاءكما الأول بالنادي كان صدفة ؟ .. حكت لي كيف أنها استدرجتك في الكلام حتى عرفت منك برنامج عطلتك الأسبوعية ... كشاكيل المحاضرات هي من أخفتها حتى تستطيع قضاء أكبر وقت معك تنقل منك المحاضرات مع أنها داما ما كانت تطلبها مني ، وكذلك هي التي اقترَحَتْ على أبويها قضاء عطلة نصف العام في نفس الفندق الذي نزلتَ أنتَ فيه .. لَكَمْ تحدَّثَتْ عن صفاتك التي طالما تخيَلَتْها في فتى أحلامها المنتظر ... أبيض ... كثيف الشعر ناعمه أسود كسواد ليل حالك .. عينان عسليتان نجلاوان .. فارع الطول .. هادئ الطباع .. ، وكل ذلك وجدته فيك ـ يا كريم ـ ، بل وصفات أخرى قلَّمَا نجدها في شباب هذه الأيام، وهو أنك ذو أدب ونخوة وتدين ووفاء وإخلاص ..
والآن ؟!.. الآن؟! .. هل تدري عواقب ما تطلبه مني الآن ؟!.. أنت هنا الآن في بيتي ، وتطلب مني أن نتزوج بينما صديقتي الآن بانتظارك في القاعة بفستان الزفاف ، وقد عُقِدَ قرانكما قبل أسبوع .. الكل بانتظارك الآن ، وتقول إنك اكتشفت أن حبك لي أنا وليس لها .. يبدو أنك لا تعلم ..لا تعلم .. أنت ستجعلني أرتكب جريمة في حق صديقتي .. ربما يقتلها هذا الأمر ، وأفقد أعز صديقة لي ، بل الوحيدة .. أنت حقًّا لا تعرف منزلة ( زينه ) في قلبي إنها أختي التي لم تلدها أمي .. إنها ملاذ نفسي الآمن إذا ما حزبني أمر وادلهمت الخطوب بي ... مجرد جلوسي معها وحديثي إليها ينسيني همومي وشجوني .. لو أني آلة فإن مفاتيحي كلها في يد ( زينه ) ... اسمع ـ يا كريم ـ أنا لا أنْكر أبدا أنني أحببتك حدَّ العشق ، وتمنيت أن لوكنت اليوم مكان ( زينه) .. عندما كنتما تلتقيان كنت أتخيل نفسي معك أتبادل معك كلمات الحب ، ونرسم سويا صورة وردية لمستقبلنا معا ، وعندما كنتَ تتصلُ بها وأنا بجانبها لم يكن أحدٌ أحسدَ لأحدٍ مني في هذه اللحظة .. حاولت كثيرًا أن ألفت نظرَك إلىَّ لكنني لم أستطع خوفًا على شعور ( زينه ) .. وكلما اقتربتُ منكَ شعرتَ فيك فتى أحلامي أنا الذي تمنيتك لنفسي أنا ... لم أكن أتوقع أنكَ تبادلني نفس المشاعر في الوقت الذي كنت أعتقد فيه أن حبي من طرف واحد هو أنا .. أتدري ـ يا كريم ـ عند كَتْبِ الكتاب في منزل ( زينه ) وطُلِبَ من وكيل العروس أخذَ رأيها تمنيتُ أن ترفضكَ ، لأقومَ أنا على الفور وأخطفكَ من بين الحاضرين وأنطلقَ بكَ حيث مكان يجمعنا معًا وحدَنا دونَ رقيبٍ أو حسيب ... ليتكَ بكَّرت قبل هذا الوقت ـ يا كريم ، أو ليتكَ لم تتحدثْ في هذا الأمر وتركتني أعاني مرارةَ بُعْدِكَ عني وحدي .. تأخرتَ ـ يا كريم ـ ولا أرى سوى أن يكتم كل واحد منا حبَّه للآخر كما ظل حبيسا كل هذه الفترة لأن من سيتحمل الفاتورة كاملة هو صديقتي ( زينه ) ، وأنا أقبل أن أتحمل كل المعاناة وحدي ولا تصاب مشاعر صديقتي بسوء أبدا ، سأظل ـ ما حييت ـ ملتاعة القلب مسهدةَ الفكرِ مشتاقةً إليكَ ـ يا كريم ـ .. آاااهٍ ثم آااااهٍ لقد نكأْتَ جرح قلبي الذي حاولت ردحا رتقَ أغواره ، لكن أما وقد احتكم الأمر ، فما ينبغي علينا إلا أن نكفكف دموعنا وننطلق إلى زفافك إلى ( زينه ) صديقتي العزيزة وعليك أن تحافظ عليها دائما وأن تراعي الله فيها وأن تعتبرني حماتك من الآن لن أسمح لك أن تسيء إليها أبدًا .. ضعها في عينيك واحفظها حتى من الهواء الطائر إن ( زينه ) طيبة القلب وهي تحبك أكثر مما أحبكَ أنا ولقد عاهدَتْنِي هي على حُسنِ عشرتك وطاعتك واااا
:ـ شيماء .. يا شيمااااء .. ها .. أما زلتَ هنا ؟!! .. لماذا تجلسين هكذا ـ يا بنيتي ـ وَحْدَكِ ؟! ، ولماذا تبكين ـ يا حبيبة قلبي ـ .. كان ينبغي أن نكون في القاعة الآن !!
:ـ هذه دموع فرح يا أمي اليوم زفاف أعز الناس إلى قلبي .. هيَّا هيَّا .. لقد تأخرْنا كثيرًا عليهما .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق