الأحد، 5 أكتوبر 2014

مقال نقدي لعدي العيادي


نقد
الفكرة بين النص والشاعر
عدي العبادي
ان إي قراءة لأي منجز إبداعي تحيلنا لمعرفة ما في داخل المبدع أي ان قراءة المنتج الإبداعي مفتاح لمعرفة ما في داخل ذالك المبدع الذي تركه بصمته من خلال عمل طرحه في الساحة وعبر من خلاله عن مشاعره وأحاسيسه ومع هذا قد يكون العمل عبارة عن لحظة عاشها الكاتب ولكن يظل هذا منتج عمل محسوب عليه فهو تعبير عن الذات وبصمة في تاريخه الإبداعي كما حدث مع الشاعر الكبير ابن بشار الذي مدح جارته ممازحأ حين أهدته ديك فقال ابياته الشهيرة رباب ربة البيت الخ ومع ان احد طلبته حذرته من عواقب انتشار الأبيات لكنه لم يبالي فظلت هذه الأبيات ليومنا هذا وقد يعبر الكتاب عن اكثر من إحساس او صورة في عمل واحد يجمع به وهذا ما نجده في نص الشاعر الأستاذ ابراهيم الخياط المعنون
( أفلاطونيا )
هن الزخارف المثيرة على حائط السيراميك
فأين سرب القطا ؟
وأين هفهفة البرد الكوثري؟
وأين الملوك والملائكة ومُهرتي الجانوسية ؟
يا انشطار العذوبة
إليك الأقحوان أردية
وريشاً إليك مجسات الوريد
وهذي مجرة اللوز لك أرجوحة
يتحدث الشاعر عن صور خارجية تحيط به كالملوك والملائكة والقطا لكنه يضيف لها مهرته الجانوسية كي يربط بين أشياء في عالمه الخارجي وانفعالاته الشخصية وهذه الرائية الشعرية تدل على قدرة المبدع في مزج ما حوله بحالته التي مر بها فيكون لنا نص حداثوي يحمل الكثير من المفردات
بنسائم النسرين الغنج
أو بميس أساور الياسمين
فتنساب - رهوا-
فتنة عاشقات الأحياء الوطيئة
وتميد كواكب الأسرار التي نهوى
وترنّ ترنّ ترنّ
ترنّ خلاخل الخيلاء
فتصير أفياؤك المديدة
للأرجوان مروجاً
لم يضع الشاعر ابراهيم الخياط في نصه ( أفلاطونيا ) اهتمامه على مركزية او موضوعية بل جعله عبارة عن مجموعة أطروحات تخلف وظل يتنقل ويخلق عدة نصوص في داخل النص الواحد لا غرابة ففي قصيدة النثر يمكن ان يكون كل بيت عبارة نص مستقل بذاته بل حتى العنوان يمكن ان يكون هو نص
أرى الأمطار تثرثر
على قارعة العناقيد
وعلى مائدة العصافير
وعلى طارقة النوى
وأراك البهية ؛
فيا ثمالة الغـُدران
ويا ارتحال الفراديس
إذا رأيتِ ثـَمّ رأيتِ جحيماً
فذاك أنا المارج ذو السعير المتلألي
أشتعل على مرمى برزخ
تتضح السيميائية الشعرية في نص أفلاطونيا بكثرة بالمفردات ذات الدلالة عامة و هذا المقطع خاصة فالشاعر ا يرى ان للعصافير مائدة وقد أخرجها من وظيفتها الطبيعية هي والإمطار التي تثرثر وقد ربط كل ما وظفه الى الانتهاء بنفسه وليس بالضرورة ان يتكلم الشاعر عن فكرة جديدة كما يقول رائد الحداثة في مصر الناقد الكبير جابر عصفور بل يكفي ان يصوغ لنا الفكرة القديمة بطريقة جديدة وهذا ما نجده في نص الخياط الذي جعل اشتغاله على نفسه لكنه جدد بمنتجه الابداعي الذي حسم كعمل له
موشحاتٍ بالتعاويذ الباهرة
وبقارةٍ من الزنابق السكرى
وفي صمت السواقي الضنينة
من جنة غضاضتك
يا اكتمال الزنجبيل
أشتعل ولا حَول لي ولا طـَول.
وللحور مراقيا
أو دوحة للجمان
والفراقد المنثورة
ومبتغايَ المستحيل!
وأرى الضفائر الغريرة بين السماء
ان جمالية ( أفلاطونيا ) بكثرة المعاني وتحررها من فضائها وهذا يعود لقدرة الخيال عندي الشاعر ويعتبر الخيال عنصر جمالي مهم في كل مادة إبداعية سواء قصة او شعر او رواية الخ واعتقد هو اهم جانب على اعتبار انه يميز المبدع عن سواه فمن يملك الخيال غير المبدع الذي يحوله ويتحكم به وفي ما مضه كان الشاعر مقيد ليس بالوزن والقافية بل حتى الخيال فلا يمكن ان يقول شيء منافي للعقل وكانت الإمكانيات محدودة فالذي يعيش في الصحراء لا يستطيع ان يعبر عن الحضارة لنه لا يملك روح التمدن والانسان المدني لا يقدر ان يصف ما في الصحراء لعدم معرفه بكل الجوانب
أو ثم أبيح لثلة من الجوارح المستكينة
أن تحرسك
دون المها والريام وقطط شيراز
أو ثم لا أرى فوق الرباب المتكبر
كفك الهائمة بالرقود الممسوق
على كتفي الكسيرة
أو ثم تظللك السقوف الرملية
وتفترشين بلاطات الرخام
والسامراتُ في ليلك الصيفي الأثير
هـُزيها
وللشآبيب العبوقة بياراتٍ
ان كل هذا البوح الداخلي والنزف لكل هذه الكلمات جعلنا نقف امام نص نثري حداثوي لشاعر ثمانيني صاحب تجربة طويلة وبعد مراجعتي للنص وقراءة بدقة استنتجت ان هناك عدة صور في مخيلة الشاعر واقد استطاع ان يربط بينها ويكون لنا أفلاطونيا منطلق من داخله وهذا ما يعدل على علاقة قوية بين الشاعر وما حوله وعلاقة بينه وبين عالمه الخارجي ان تشكيل كل هذه الصور ليس بالسهولة بل بحاجة لمخيلة خصبه وتواصل مع العوالم وإحساس بأشياء كما فعلت الشاعرة نازك الملائكة في قصيدة النهر العاشق حين وصفت كارثة الفيضان فحولت بمخايلتها ذالك النهر الهائج على عاشق جاء يزور القرى التي يرويها ووصفت هجومه عبارة عن احتضان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق