الأحد، 26 أكتوبر 2014

*نـــشيجُ ليــــلَةٍ مُتــــــــعَبَةٍ */قصَّة قصيرة للكاتب زهري جهاد /قسنطينة


*نـــشيجُ ليــــلَةٍ مُتــــــــعَبَةٍ */قصَّة قصيرة
ملاحَظة : من يجدها ،من بحوزتِهِ رقمُ غيابِها ،فليتَّصل به ،عفوا "بها "
ويسألها فقط ،لماذا لم تتَّصل؟
*********
السَّاعَةُ الآنَ بضعُ سجائرَ وشوق وسَهر ،لم تتَّصل ،لم تُكَلّفْ نَفسَها عناء الإتَّصال
تنَهَّدَ تنهيدَةً عميقَةً ،كأنَّها ذروةُ سنامِ الضَّجر ،كأنَّها آخر الأشواقِ وأوَّلُ العَذاب المُستَعرّ،تُحاولُ إغراقَهُ في هذا الليل .
ليلٌ مكفهر ...لم تتَّصل !
هل يا ترى أحبَّها ؟أم حنَّ الى صوتِها الباهت الذي يشبِهُ اللَّحن الأخير ،اللحن المُحتضر ؟
كان بودّهِ أن يصرخ ،أن يعلنَ سخَطَهُ على الهاتفِ الَّذي ما رنَّ ،والقلب الذي حنَّ لاسمِها فقط على الشاشة اليتيمة جدا بدونه
كان بوده ان تتصل ..لكنها لم تتصل ...يا ليتها لو تتصل
ثم لماذا لم تتصل ........وماذا تفعل الآن ؟
يعرف جيدا أنها من عشَّاق الليل المُخلصينَ لكلّ جزء سرمدي فيه ، من مكانٍ ما منهُ كانت تستَمِدّ حُزنَها لتنثُرَهُ حروفًا كما يفعل أيضًا ،من مكان ما منهُ كانت تستمدّ خرافَتها
لكنَّها بين حزنٍ تكتبه وآخر يكتبها كانت تتصل ،تسألُ على الأقَلّ
فلماذا اليومَ لم تتَّصل ؟
ما سبب إنجذابي اليها؟ -قال-
-ربَّما فقط لأنَّها كاتبَةٌ ،تحب اللَّيلَ مثلي ...ولا شيء آخر ،والَّا ما سرّ هذا الحنين ،فأنا لم اعرفها الاَّ منذ أيَّامٍ مَعدوداتٍ ...يمكنُني أن أتحرَّر منها كما كنت في السابق
لكنَّهُ استَدركَ وتدارَكَ احساسهُ
-ليس لهذا السَّبب طبعًا،ربَّما لأنَّها تزدادُ جمالًا كلَّما تَحَدَّثت عن كتاباتِهَا ،أو عن روايةٍ قرأتها ،هي أجملُ امرأةٍ تعتنِقُ الأدب ،وأنا بَعدَهَا أحزَنُ رَجُلٍ اعتنقَ شوقَها هذه اللَّيلَة
سأغفِرُ لها ان كانت تكتُبُ الآنَ ،سأغفر أيضًا نومَهَا لو كان َ ....سأغفر لو ...
يطُلّ شيطَانُهُ فجأةً ...
-وما يُدريكَ لعلَّها تُكلّمُ غيرَكَ الآنَ ،أنت لا تعرفُها الَّا منذُ خمس ليال ٍ فقط!
ثمَّ أنتَ بمثابَةِ صديقٍ ، أخٍ ربَّما ،تعلَمُ جيدا أن لا إخوةَ لها هل نسيتَ ؟
ثمَّ لو كلَّمت ِ الدنيا كلَّها فبأيّ حقٍّ ستعارِضُ ذلكَ ؟ لستَ على شيءٍ تأكَّد
تنتَفخُ أوداجُهُ ،يحتقن الدَّم في رأسه ،يلتَحِفُ ظنونَهُ ،ينهَضُ من مكانِهِ يفرّ الى سيجارَةٍ يُشعلُها ،ويكتوي بنار ظنونِه التي تؤجّجُ صدرَهُ
يقتني ورَقَةً بيُمناهُ ،بكلّ الغَضب المُتاحِ يثبّتُها على مكتبهِ ،يأخُذُ نفَسا آخر من السيجارَةِ ليلهبَ آخرَ الظنونِ في قلبِهِ ،يمسك القلَمَ
السَّاعَةُ الآنَ سهادٌ ومدادٌ وأوراقٌ وَكَدر
لم تتَّصل ،لن تتَّصلْ،مـتاكّدٌ من هذا ،هي لا تُبالي ،لا يَهُمّها أمري ،وأنا ايضا لا يهمني
كل الليلَة كانت بوحا مشتعلا وكل ما كتبه لا يليق بخيبته
من يجدها ،من بحوزتِهِ رقمُ غيابِها ،فليتَّصل به ،عفوا "بها "
ويسألها فقط لماذا لم تتَّصل؟
كل الليلَة كانت بوحا مشتعلا وكل ما كتبه لا يليق بخيبته
**********

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق